موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

اختيار الاختبار

لكي تختار اختبار التأمل الصحيح عليك أولاً أن تختار طريقةً تجذبك وتفتح أزهار قلبك...
فالتأمل يجب ألا يكون شيئاً مفروضاً على ذاتك أو حياتك... بل هو فيض من غيض إحساسك وابتهاجك...
كل شيء مفروض مرفوض وسيؤدي إلى طريق مسدود....
كل ما يُفرض بالقوة سيبعدك عن طبيعتك ويزرع التناقض والانفصام في شخصيتك...
يجب أن تفهم هذا جيداً لأن العقل له مقدرة طبيعية على التأمل إذا أعطيته أشياءً مناسبة وجاذبة...

إذا كنتَ متعلقاً جداً بالجسد... هناك طرق توصلك إلى الله عبر الجسد، لأن الجسد أيضاً معبد.. جزء من الله على صورة الله ومثاله...
وإذا كنتَ تشعر بقلبك مسيطراً على كامل كيانك.. فالصلاة والصلة هي الطريقة لتصل إلى الحقيقة...
وإذا كنتَ نشيط الفكر والتحليل، فالتأمل والتذكّر هو السبيل لتتوحد مع نور الله وشمس الأصيل...

لكن طرق التأمل التي وُضعت هنا مختلفة ومميزة... فهي موضوعة لتُلائم الثلاث نوعيات في نفس الوقت... كل طريقة تستخدم جزءاً كبيراً من الجسد والقلب والفكر معاً...
جسد...قلب...فكر... كل هذه التأملات تسير على نفس الدرب... تبدأ بمعبد الجسد وتنتقل إلى القلب، ثم تصل إلى الفكر وتطير بك إلى أبعاد أبعد من الجسد والقلب والفكر...

تذكّر دائماً... أي شيء تستمتع به سيتعمّق فيك ويتحقق... وهو الشيء الوحيد الذي سينفع...
الاستمتاع هنا ببساطة يعني الملاءمة... التوافق والتناغم بينك وبين الطريقة...
وعندما تستمتع بطريقة ما لا تصبح طماعاً على الفور!... بل استمر بها قدر استطاعتك وراحتك... يمكنك القيام بها مرة أو اثنتين في اليوم إنْ أمكن...
وكلما قمتَ بها أكثر كلما زاد استمتاعك بها...
لا تتخلّى عن أي طريقة إلا عندما يزول الاستمتاع والفرح الذي تعطيك إياه... وعندها يكون عملها قد تمّ وانتهى...
ثم ابحث عن طريقة أخرى... ولا يوجد أي طريقة محددة توصلك إلى منزلك...
في رحلتك ستحتاج إلى تبديل الطرق والسبل... كل طريقة توصلك إلى حالة وحال معيّن... بعد ذلك ينتهي مفعولها وتبدأ بإعطاء ثمارها...

إذاً هناك شيئان عليك تذكّرهما: عندما تستمتع بطريقة معينة استمر وتعمّق فيها قدر الإمكان... لكن لا تُدمن عليها أو تتعلق بها لأنك يوماً ما ستتركها...
إذا أدمنتَ عليها بشدة ستصبح مثل حبة المخدر ولن تستطيع أن تتركها، ولن تستمتع بها أبداً لكنها ستصبح عادة بلا فائدة... تقودك في حلقات مفرغة ولن توصلك إلى أبعد منها...
لذلك دع الاستمتاع يكون هو الدليل المُحدِّد... استمر بالطريقة حتى آخر قطرة من الفرح تجده فيها.. حتى تُعصر بكاملها وينفذ منها العصير تماماً... بعدها تهيّأ لكي تتركها...
انتقي طريقة أخرى تعيد لك المتعة وتضيء لك الشمعة... وعليك أن تغيّر الطرق عدة مرات.. ويختلف الأمر من شخص لآخر، لكن من النادر جداً أن تكفي طريقة واحدة لإنهاء الرحلة...

لا حاجة لقيامك بعدة تأملات في نفس الوقت.. فذلك سيؤدي إلى الفوضى والتناقضات وقد يسبب ذلك بعض الألم أو المضايقات... فاخْتر نوعين من التأمل وتمسّك بهما لفترة من الفترات...
وفي الواقع من الأفضل أن تختار نوعاً واحداً فقط... اختر نوعاً يناسبك وكرره عدة مرات... عندها سيتعمق أثره فيك ويشفيك....
قد تجرّب عدة طرق معاً وكل يوم أساليب جديدة وتظنها مفيدة... وقد تخترع طريقة خاصة بك فتُضيّعك وتُربكك.. وفي الكتاب القادم "جواهر السّرائر" ستجد 112 طريقة جديدة للتأمل فلا تقوم بها جميعاً في نفس الوقت!!! سيقودك ذلك إلى الجنون والجنون فنون!

التأملات الموضوعة هنا ليست للهو والتسلية... أحياناً قد تكون مؤذية... لأنك تؤثر على آليات دقيقة مرهفة جداً من العقل... وقد يكون شيء صغير خاطئ تقوم به دون انتباه، يستمر بتسبيب الارتباك والتشويش لنفسك وصفائك... لذلك لا تحاول أبداً أن تخترع حسب أفكارك وأهوائك.. اختر طريقتين واستمر بهما لبضعة أسابيع حتى تنجلي مرآة سمائك...

أضيفت في:26-3-2006... زاويــة التـأمـــل> تأمل ساعة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد