موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

من الإدمان إلـى الأمان

هل يمكن للمدمن على الدخان
أن يصبح متأملاً في هذا الزمان؟
لقد دخنتُ مدة 25 سنة متواصلة بإدمان
وأشعر أنني عندما أدخن لا أستطيع التعمّق في بحر التأمل والوجدان
بالرغم من هذا، لا أستطيع التوقف عن أكل الدخان!
هل تستطيع أن تخبرني شيئاً يوصلني إلى بر الأمان؟



المتأمل لا يمكن أن يدخن، لسبب بسيط هو أنه لا يشعر أبداً بالتوتر أو العصبية.
الدخان يساعد بصورة آنية مؤقتة، يجعلك تنسى كل ما يقلقك ويوتّرك.
كما أن هناك أشياء أخرى تقوم بنفس الدور مثل مضغ العلكة... لكن الدخان هو أقوى هذه الأشياء.

في أعماق لاوعيك، عملية التدخين مرتبطة برضاعة الحليب من صدر أمك... وبتقدّم وانتشار ما يسمى الحضارة، لم تعد أي امرأة مهتمة بتنشئة طفلها وتغذيته من صدرها، طبعاً لأن الطفل طبيعياً سيدمر الصدر!
ستفقد الأثداء استدارتها وامتلاءها وجمالها الجذاب.

الطفل له حاجات مختلفة عن حاجات الآخرين... الطفل لا يحتاج ثدياً مستديراً، لأن الثدي المستدير سيجعله يموت.
إذا كان الثدي مستديراً تماماً، لن يستطيع الطفل أن يتنفس بينما يقوم بالرضاعة، لأن الثدي سيغلق أنفه الصغير وسيخنقه.

حاجات الطفل تختلف عن حاجات الرسامين والشعراء، ومقاييس الجمال والفيديو كليبات.
الطفل يحتاج ثدياً متطاولاً قليلاً بحيث يمكنه أن يرضع ويتنفس في الوضعية ذاتها، لذلك سيحاول كل طفل أن يجعل الثدي ملائماً لحاجاته... وما من امرأة تقبل أن يتغير شكل صدرها، فهو جزء هام من جسدها وشكلها وجمالها...
لذلك بنمو الحضارة ..كأن هذا النمو يرتكز على نمو الصدر وكمية السيليكون المحشوة فيه... أصبح الأطفال يُبعدون عن صدور أمهاتهم بصورة مبكرة أكثر فأكثر... وبقي الشوق للرضاعة من الصدر موجوداً في أذهانهم.
ومتى ما أصاب المرءَ حالةٌ من العصبية أو القلق والتوتر: تجد أن السيجارة تساعده على تحملها....
السيجارة هنا تساعده لكي يعود طفلاً من جديد، مرتاحاً في حضن أمه الدافئ الحنون...




شكل السيجارة شيء رمزي له دلالة ومعنى... إنها تشبه حلمة الثدي، حتى أن صانعي السجائر يضعون لها لوناً مشابهاً، كما أن الدخان الناتج عنها دافئ مثلما حليب الأم يكون دافئاً، ويتم أخذه مصاً مثل الرضاعة...
لذلك تجد الترابط بين السيجارة والثدي في اللاوعي، فتجد نفسك مأخوذاً ومشغولاً بها، لأنها تنقلك لبضع لحظات إلى عالم الطفولة البريئة الخالية من القلق والمشاكل والمسؤوليات.

لقد قلتَ أنك كنت ولا تزال تدخن على مدى 25 سنة، وتدخن بإدمان وإفراط، وتريد التوقف عنه لكنك لا تستطيع...
نعم، لن تستطيع التوقف عن الدخان، لأنه عليك تغيير الأسباب التي أنتجت هذا الإدمان.

لقد نجحتُ مع العديد من الناس الذين سألوني عن العلاج...
في البداية كانوا يضحكون عندما أقترح عليهم الحل.... لم يستطيعوا تصديق أن حلاً بسيطاً يمكن أن يساعدهم.
قلتُ لهم: "لا تحاولوا إيقاف التدخين، بل اجلبوا زجاجة رضاعة حليب مثل التي تُعطى للأطفال الصغار... وفي الليل عندما لا يراك أحد، في سريرك تحت الغطاء، استمتع بشرب الحليب الدافئ، وهذا لن يسبب أي مشكلة على الأقل."

أجابوا: "لكن كيف سيساعدنا هذا؟"
فقلتُ: "انسوا كل هذا الموضوع وجميع الأسئلة، كيف ولماذا... فقط افعلوا ما قلتُ لكم... سيعطيكم غذاءً جيداً قبل أن تخلدوا إلى النوم، ولن يسبب أي خطر عليكم، وشعوري يقول لي أنكم في اليوم التالي لن تشعروا بحاجة كبيرة للسجائر، جرّبوا هذا وأخبروني."

وقد تفاجأ أولئك المدخنون… لقد اختفت السجائر تدريجياً من حياتهم، لأن حاجتهم الأساسية التي بقيت معلّقة في بالهم قد أُشبعت: لم يعودوا أطفالاً… بل إنهم ينضجون ويكبرون، والسجائر تتناقص من تلقاء ذاتها.

لن تستطيع التوقف عن الدخان…. بل عليك القيام بشيء غير مؤذي، صحي أكثر، يكون بديلاً عن السجائر لفترة ما، إلى أن يكبر ذلك الجزء من وعيك، ويتوقف طلبك للسجائر.

الأطفال الصغار يعرفون ذلك، لقد تعلّمتُ السر منهم!
إذا كان طفلٌ ما يبكي ويصرخ بسبب الجوع، وكانت أمه بعيدة عنه، ستراه يضع إبهامه في فمه ويبدأ بمصّه…. وسوف ينسى كل الجوع والبكاء وينام بكل هناء…
لقد أوجدَ بديلاً، مع أن هذا البديل لن يعطيه الغذاء، لكنه على الأقل سيعطيه شعوراً بأن شيئاً مشابهاً للرضاعة يحصل، وهذا الشعور يعطيه راحة عميقة واسترخاء…




لقد حاولتُ مع بعض الناس، حتى بنصحهم بمص الإبهام.
إذا كنتَ خائفاً جداً من جلب زجاجة الرضاعة وملئها بالحليب، أو إذا علمت زوجتك بأمر الرضّاعة أو أولادك، فالحل الأفضل عندها أن تذهب إلى النوم وإبهامك في فمك… وقم بمصّه بهدوء واستمتع به!

كانوا يضحكون لكنهم كانوا دائماً يعودون قائلين:
"لقد ساعدتنا ونجح الأمر، وتناقص عدد السجائر في اليوم التالي مباشرة، ومازال التناقص مستمراً"
قد يستغرق الأمر بضعة أسابيع لاختفاء التدخين كلياً...
سيختفي دون أن تقوم أنت بإيقافه....
إيقافك له هو نوع من الكبت، وأي شيء مكبوت سيحاول الظهور مجدداً بقوة أعنف ليأخذ الثأر.

لا تقم بإيقاف أي شيء.
دوماً ابحث عن السبب الأساسي له وحاول إيجاد بعض البدائل الغير ضارة... وهكذا يختفي السبب الأساسي.
التدخين ما هو إلا عارض، لذلك أول شيء: توقف عن إيقافه.
ثاني شيء: إحصل على زجاجة رضاعة جيدة ولا ترتبك وتخجل منها... إذا خجلتَ فاستخدم إبهامك، مع أن تأثيره أقل لكنه سيساعد.

لم أر أي شخص استخدم هذه الأساليب وفشل في الشفاء...
يوماً ما، لن يصدق المدخن كيف كان يدمّر صحته دون لزوم، بتنشقه وإطلاقه للدخان المزعج وتدمير رئتيه.... بدلاً من الاستمتاع بالهواء النقي المنعش القادم إليه....



ملاحظة: للذي سيجرب رضّاعة الحليب، من الأفضل استخدام حليب الحبوب، أو تأكد من كون الحليب عضوي المصدر Organic دون أعلاف وأدوية وأسمدة ومبيدات!


Osho - Beyond Psychology
Chapter #2

أضيفت في:12-7-2007... فضيحة و نصيحة> وداعاً للتدخيـن
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد