موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

لماذا التقليد وأنت كائن فريد؟

كان جحا يمشي في الطريق وإذا به يرى صبياً يبلغ الخامسة عشر من العمر وهو يمسك السيجار في يده ويستمتع بالتدخين... فقال له: "يا ابني، ألستَ صغيراً على فعل هذا؟"

أجاب الصبي: "بالطبع لا... ولقد أقمتُ علاقة مع فتاةٍ أيضاً!"

تعجب جحا: "ماذا؟؟ وفتاة أيضاً؟؟"

قال الصبي: "نعم لقد قمتُ بخلع ملابسها ليلة البارحة وكان الأمر فاتناً وممتعاً"

قال جحا: "هكذا إذاً!!! وكم تبلغ هذه الفتاة من العمر؟"

أجاب الصبي: "لا أعلم كم كانت تبلغ من العمر، لم يكن بمقدوري سؤالها لأنني كنت سكراناً جداً"...

 

هذه ليست مُزحة من العصور القديمة أو من زمنٍ بعيد... إنها حقيقة تحدث الآن مع أبنائنا... حتى أنهم لا يزالون في المدرسة أو الجامعة وتراهم يدخنون كالبالغين، يتسكعون برفقة الفتيات، يشربون الخمر ويسكرون لكي يفقدوا وعيهم وإدراكهم الذي لم ينمو أو يكتمل بعد...

 

في الأيام القادمة، علينا أن نتوقع المزيد من ذلك والأسوأ منه... هؤلاء الفتية الصغار عنيفون جداً، وهنالك كثير من حوادث السلب والاغتصاب وغيرها من الجرائم التي تحدث ليس فقط في الغرب بل هنا في الشرق وفي بلاد العرب.

 

لماذا يحدث كل هذا؟؟؟ لا أحد يعلم... خرجت الأمور عن السيطرة.... فالشرق يقلد الغرب، والغرب يقلد الشرق، طبعاً بالأمور السلبية فقط...

 

إن هذا العالم هو عالم المقلدين، عالم القردة والرجال الآليين... أشباه الرجال وأشباه النساء... الإنسان الواعي هو الذي لا يقلد أحد، بل يعيش فاتحاً طريقه الخاص به... إنه الفرد وليس القرد... الفرد الذي ينظر إلى نفسه وتكوينه... يتأمل ويسأل:

 

من أنا؟

ما الذي أشعر به حقاً وحقيقةً؟

 

في أحد الأيام كانت زوجة حجا تقود عائدة إلى المنزل، وعندما وصلت خرجت من السيارة ووقعت على الأرض. عندها رآها جحا فركض مسرعاً إليها وسألها:

"هل أنت بخير؟ ما الذي حدث لك؟ لماذا أنت شاحبة هكذا؟"

فأجابته: "لقد كان الجو حاراً جداً جداً"

سألها: "ولماذا لم تقومي بفتح نافذة السيارة؟؟"

أجابته: "ماذا!!؟ هل تريدني أن أفتح النافذة وأدع الجيران يعلمون بأن سيارتنا غير مكيفة!؟"

 

البشر مستعدون للموت مقابل ألا يعرف الآخرون حقيقتهم... إنها مسألة أقنعة وسمعة وشهرة فقط، فالسيارة يجب أن تكون حديثة ومكيفة، سواء أكان المرء قادراً على شرائها أم لا... عليها أن تبقي نوافذ السيارة مغلقة حتى لو شعرت بالإغماء والحر والمعاناة، لأن فتح تلك النوافذ سيسبب ألماً أكبر بالنسبة لها!

 

لا أحد يسمح لأحد بأن يكون نفسه، حقيقته المجردة فحسب... وأنت قد أصبحت مشفراً على تلك الأفكار وبعمق، حتى صرت تعتقد بأنها أفكارك...

لذلك استرخي فقط.....

قم بنسيان كل تلك الأفكار... ارمها مثل أوراق الخريف المتساقطة...

من الأفضل أن تكون شجرةً عارية خالية من الأوراق، على أن تكون لك أوراق وأزهار بلاستيكية مصطنعة، كل شيء صناعي ميت وبشع...

 

أن يكون لك وجه فريد وأصيل يعني أنه ليس هنالك أحد يسيطر عليك ويتحكم بك، لا الأخلاقيات ولا الدين ولا المجتمع ولا الأهل والمعلمين ورجال الدين...

أن تعيش حياتك تبعاً لحدسك الداخلي... استفتي قلبك ولو أفتوك...

لديك وعي وإدراك وإحساس... يعطيك الفردية المميزة وهذا هو الأساس...

 

سيصبح العالم مكاناً رائعاً للحياة عندما نكون مميزين... لسنا نُسخاً عن أي أحد.

ليست المسألة أن تكون نسخة عن بوذا أو كريشنا أو المسيح أو النبي...  كل الأنبياء والحكماء أتوا لإيقاظنا وليس لجعلنا أتباع أو نسخ عنهم...

 

النسخة هي نسخة، وستبقى دائماً تقليداً غير مفيد...

التقليد يدمر كرامة الإنسان مثل التقييد...

فكن سيداً فريداً... كن سيد نفسك...

كن معلم نفسك... ومَن عرف نفسه عرف ربه....

 

هذا هو التأمل: أصغي إلى نفسك وصوتك الداخلي.... إنه يدلّك ويعطيك الإشارات بشكل مستمر... صوت رقيق هادئ وصامت... فإذا كنتَ صامتاً قليلاً، ستسمع ثم تتلمّس طريقك ووجهتك...

 

كن مَن أنت يا إنسان

كن مع الحقيقة والحق

حتى لو لم يترك الحق لك أي صديق

لا تحاول أبداً أن تكون شخصاً آخر مهما كان

وعندها سينضج وعيك وتستوي روحك... هنا والآن

النضج هو تحمّل مسؤولية أن تكون ذاتك، مهما كلف الثمن

المخاطرة بكل شيء كي تكون من تكون

هذا هو دورنا المبدع في الكون

 

 

أضيفت في:16-11-2008... زاويــة التـأمـــل> تأمل ساعة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد