موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

تأمل واضحك كالطفل

HTML clipboard

التأمل فنُ بسيطٌ جداً، عليك ألا تأخذه بجدية وعلى أنه أمرٌ معقد، فهو بسيطٌ جداً لدرجة أن طفلاً صغيراً يستطيع تعلم هذا الفن، بل في الحقيقة الطفل يتعلمه بسهولة أكثر من الكبار فكلما تقدم الإنسان في السن كلما أصبح جدياً أكثر وأكبر... كلما تقدمنا في العمر يجب علينا أن نفكر في كل شيء بجدية ونأخذ الأمور بجدية ونعيش حياتنا بشكل جدي.. فقد ربطنا دوماً النضج والوعي مع الجدية... الإنسان الرزين الذي يمتلك العقل الحكيم هو الإنسان الجدي.. وهكذا وجد القديسين ورجال الدين الجديين وغيرهم فهؤلاء هم الأكثر جدية على الإطلاق!

الشخص الناضج الحكيم والواعي حقاً لا يمكن أن يكون جديِّاً فليس هنالك ما يكون جدياً لأجله!
فالحكيم يعلم ويرى أن الحياة كلها مرح، انظر من حولك إلى ما صنعه الخالق سترى العصافير والأشجار والفراشات والورود الملونة العطرة، الجبال والوديان، الأنهار والبحار، المخلوقات بأنواعها من الحشرات إلى الإنسان وحتى الصخور لن تجد صخرة حادة الزوايا ومستطيلة كحجارة البناء فكل حجر يتمتع باستدارة وانحناءة مختلفة.... الله ليس جدياً، فكيف لمن هو جدي أن يخلق كل تلك الألوان والأشكال بهذا الإبداع والفن؟

الحياة لعبة، هي اللعب والاستمتاع بامتنان لما أهدي إليك، الاستمتاع بوجودك، انظر إلى كل الكائنات إنها تلعب بتميز وعلى طريقتها إلا أنت! بالرغم من أنك تمتلك الوعي الذي يجعلك موصولاً مع كل شيء وقادراً على الإحساس بكل كائن حي.. لكن هل أنت حي؟؟

نعم.. الوعي هو الذي جعلك السيد في هذه اللعبة، الحياة هي لعبة من الوعي وليس الجدية، والتأمل هو فن الرؤية.. فن أن تفتح عينيك وترى وتكتشف ما فاتك... هذا هو الغرض الذي وُجِدَ التأمل لأجله، أن يعيدك للوعي، ولا أقصد بالتأمل كما يفهمه معظم الناس على أنه الجلوس في الطبيعة والتأمل كما يقول البعض.. فذلك لن يفيدك بشيء... ما فائدة الجلوس في الطبيعة وأنت أعمى وأنت غير قادر على الإحساس بشيء؟..

عليك أن ترى في البداية... وعندها ستعلم أن الحياة هي لعبة من الطاقة التي تتجسد وتسري في كل شيء في كل كائن في الأشجار النجوم الأزهار في الحيوانات فيك أنت... والتي تتبادلها كل تلك الكائنات.. لذلك لستَ قادراً على الإحساس بجمال الحياة فأنت مفصول عنها ومشغول، أنت تمنع تلك الطاقة الرقيقة الشفافة الخلاقة التي ترقص بأشكال مختلفة من الحياة من الجريان في أعماقك عبر تلك الأوهام والأفكار التي أوجدتها عن كل شيء بفكرك... ونسيت أنك أنت من أوجدها ثم بدأت تعيش بأفكارك وأفكار الآخرين وسمينا الآخرين بالمجتمع ورجال الدين وغيرهم.... وهكذا أنت لست موجوداً بعد... أنت فكرة تعيش ضمنها، الحياة ممر إلى دار المقر ويا دنيا أنتي لعبة وطلقتك بالثلاثة... لكن موقف الأديان الجدي من الله جعل منا جديين ومن حياتنا حياةً مملة ومليئة بالهموم، ففي كتاب التلمود ورد جملة تقول أن الله ليس عمك، لكن أنا أقول لك إنه عمك!.... انسَ كل ما في رأسك عنه بأنه والدك فهذا يجعل الأمر جدياً... إنه عمك أو خالك الودود ورفيقك الأقرب إليك!... التلمود يصر على أن الله جبار وليس بلطيف إنه ليس عمك لذا عليك أن تخاف منه.

لا حاجة للخوف، الله ليس خصماً ليس عدواً لك بل هو من يدعمك هو من أوجدك ووهبك الحياة…

التأمل يبوح لك بالكثير من الأشياء لكن أول ما يبوح لك به هو طفولة الوجود ومرحه...
وعندها ستعود كالطفل وهذا ما قصده المسيح: لن تدخلوا ملكوت الله حتى تعودوا كالأطفال...
إنه محق، عليك أن تكون كالأطفال الصغار صغيراً جداً لدرجة أنك لا تحمل الآن ثقل التجارب، الخبرة والتجربة جعلت الناس جديين والمتأمل عليه أن يرمي بتلك الأعباء والمكتسبات من الماضي، عليه أن يدفن ماضيه ويولد من جديد، عليه أن يموت ليولد، على كل لحظة مضت أن تموت وهكذا سيتجدد في كل لحظة... إنه إنسان جديد مفعم بالحياة في كل لحظة وعندها كل المعجزات تصبح ممكنة، فإذا كنت سعيداً فرحاً سترى بأن الوجود بأكمله بدأ يشاركك الضحك!... وهذا المثل حقيقة: اضحك وستضحك الدنيا بأكملها معك، اندب وستندب لوحدك...

التأمل الحقيقي يعلمك كيف ترى...
يعلمك كيف تضحك وترقص مع الوجود بلا أي قيود أو حدود...
فقد نسيت كيف تضحك من أعماق قلبك...
عندما تضحك من أعماقك ستعيش حالة اللافكر وتختبر التأمل...
ستختبر شيئاً من الله في تلك اللحظات...
والآن أنت تعلم كم هي لحظات الضحك ثمينة
فلا تضعها...

أتي رجل غريب إلى قرية جحا وهو المختار..
قال له: أنا جديد هنا وأريد أن أجد لي عملاً شريفاً وحلالاً
أجاب جحا: اطمئن يا أخي.. لا يوجد كثير من المنافسة هنا!

 

أضيفت في:1-1-2011... افرح و اضحك> علم الضحك
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد