موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

حبة التمر

HTML clipboard

أعطى المعلّم ثلاثة من تلامذته في يوم من الأيام ثلاث حبات تمر... واحدة لكل تلميذ.. وطلب منهم أن يبتعدوا ليأكلوا حبة التمر في مكان لا يراهم فيه أحد... لا يسمعهم فيه أحد... مكان لا يعرفه أحد... عاد أولهم بعد أسبوع قائلا لمعلّمه أنه أكل حبة التمر في مكان لم يوجَد فيه أحد سواه... كذلك فعل ثانيهم الذي عاد بعد شهور حيث وجد مكان لم يرَه أو يسمعه فيه أحد...

مرّت أيام وشهور وسنين ولم يعُد التلميذ الأخير... وبعد فترة من الزمان عاد يشتكي من أنه لم يجد المكان... وحبة التمر في يده خير دليل وبرهان... سأله المعلم ما الأمر؟ أيُعقل أنك لم تجد مكان يخلو من بني الإنسان؟ أجابه التلميذ: بلى وجدت مكاناً يخلو من البشر لكني لم أجد مكاناً أكون فيه وحدي... ماذا تعني، سأل المعلّم... أينما ذهبت وجدتُ أحد، وجدته وأينما نظرت رأيته حتى في داخلي وفي أعماق نفسي... الله في كل مكان، أجابه التلميذ... ومع هذه الإجابة علم المعلم أن هذا التلميذ نجح في الإختبار بعد أن أتاه علم الواحد القهار فعلِم أن الله في كل مكان وأن كل جسد وكل مكان هو انعكاس لروح الله... متى شهد الإنسان على هذه الشهادة، شهادة أن لا إله إلا الله، لا أحد إلا الله، فقد شهد على سر الوجود... حينها يخشع حق خشوع وترحل نفسه اللوامة الأمارة بالسوء دون رجوع.

 

الأنبياء والأولياء والصالحين شهدوا على هذه الشهادة وحلّت في نفوسهم السكينة والسعادة وزالت شهوة الدنيا عنهم بعد أن شاهدوا فقرها بغنى شهادتهم ونعيم نورهم داخل صدورهم. لذا تجدهم جميعاً بلحية وعمامة... لن تجد من تعرف على نفسه الراضية المرضية يرتدي ذهباً وثياباً باهظة الثمن لأن صاحب الذهب لم يدخل بعد كهف القلب ولم يرَ داخل نفسه نور جوهرة الرب.

لن تجد الإمام عليّ يلبس ذهباً بل ثوباً بثلاثة دراهم... ستجده رفض قصر الخلافة لأنه طلّق ظاهر الدنيا بالثلاثة بعد أن شاهد وشهد على جمال باطنها وسرّها وقداستها...

 

جميعنا هنا لنشهد على هذه الحقيقة الأبدية الخالدة... حقيقة لا يحتكرها كتاب أو شخص أو مكان... جميعنا أولاد هذه الحقيقة في الروح... جميعنا انعكاس لقداستها وتجسّد لها من خلال عظمتها... سيصلنا صوتها في أي مكان، فقلوبنا هي منبع صوتها... إزرع أي آية وكل آية في الأرض والسماء في تربة قلبك وانتظر بصبر موعد الحصاد والجواب. لا تطلب الجواب من أحد، وإن وُجِد المعلّم صاحب العلم الإلهي فهذا جيد ولكن أهل العلم قلائل وأهل النفاق كثُر... لذا استفتِ قلبك ولو أفتوك... هل تذكر قصة سيدنا موسى والشجرة المشتعلة؟ كان موسى يبحث عن الله وهو يشعر بالبرد، فتجسد له في الشجرة المشتعلة ليدفأ برده بنوره... بالطبع هذا لا يعني أن الله هو هذه الشجرة المشتعلة... إنها رموز ومفاتيح لتساعدنا على الفهم، والمعنى دائماً بين النصوص... المعنى هو أنه بنور الله يغمر الدفء القلوب... ونور الله موجود في كل مكان... (إيّاك)... كلٌّ هو انعكاس لهذا النور... إيّاك نعبد وإياك نستعين فأعِنّا على هذه الشهادة يا معين...

أضيفت في:9-1-2011... كلمة و حكمة> قصة و رقصة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد