موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

أحلام اليقظة تعني أنك غير حاضر

HTML clipboard

لم أكن مستغرباً أبداً عندما قرأت في أخبار BBC أن "الناس يقضون نصف ساعات صحوتهم في أحلام اليقظة"... ولكن جيد أن أحداً استطاع ملاحظة هذه الظاهرة.

هناك دراسة حديثة قد أجريت في جامعة هارفرد الأمريكية عبر محمول i-phone وصل فيها عدد المتطوعين الذين قاموا بتحميل هذا التطبيق إلى 2200 متطوع، والتطبيق قام بإحصاء مزاجاتهم وأفكارهم خلال أوقات متفرقة من النهار والليل.

يختار المشتركون بعد اتصالهم بالخدمة ما كانوا يفعلونه وما إذا كانوا يفكرون فعلاً بما يفعلون ومدى سعادتهم أو حزنهم به.

بعد 250 ألف إحصاء، أظهرت النتائج أن هؤلاء الناس يقضون 46.9% من وقتهم صاحيين وعقولهم منشغلة محتارة في التفكير...

أحلام اليقظة تظهر في كل مكان عبر كل الأنشطة، وهذه الدراسة تؤكد على أن حياتنا الفكرية قد طغى عليها عدم الحضور والوهم بدرجة ملحوظة.

 

إن الفكر البشري بطبيعته عنده قابلية هائلة للحلم أثناء اليقظة..

ما لم تتجاوز الفكر فستستمر بأحلام اليقظة لا اليقظة...

الفكر لا يمكنه التواجد في الحاضر، يمكنه فقط التواجد في الماضي أو المستقبل.

ليست هناك أي طريقة لجعل الفكر يتواجد في الحاضر

والتواجد في الحاضر يعني أن تكون بلا فكر!

 

أحلام اليقظة سوف تستمر حتى تبدأ في التأمل

ما لم تتغذى بالتأمل، ستستمر بتجويع نفسك وتشويقها لتناول الطعام في المستقبل

وأنت تعلم أن المستقبل لن يجلب الطعام،

لأن اليوم كان المستقبل قبل يوم واحد فحسب،

البارحة كان هو المستقبل وكنتَ تحلم به في يقظتك..

والآن صار هنا... ما الذي يحدث؟ هل أنت سعيد؟

الأمس كان أيضاً يوماً ما في المستقبل،

والماضي كله كان جزءاً من المستقبل يوماً ما..

وقد انزلق وذهب... والمستقبل سوف ينزلق أيضاً

وأنت تخدع نفسك في أوهام اليقظة!

 

لماذا؟

 

لستَ أنت الوحيد الذي تعيش في أحلام اليقظة، بل الجميع يفعل ذلك...

جرب هذا: إذا عشتَ لحظة صمت، عندما تختفي أي فكرة في كيانك،

عندما تكون سماء وعيك صافية من الغيوم..

في هذه اللحظة فجأة تصير في الحاضر،

إنها لحظة الحقيقة الدقيقة.. لكن عندها لا يوجد ماضي ولا مستقبل.

 

وكما اعتدنا، الوقت مقسوم إلى ماضي وحاضر ومستقبل،

إن هذا التقسيم خاطئ وغير علمي، لأن الحاضر ليس جزء من الوقت

الحاضر أبعد من حدود الوقت، الحاضر هو الخلود...

 

إن التأمل ببساطة هو تلك اللحظات التي تخرج فيها خلسة من فكرك إلى الواقع

هذه اللحظات الوجودية الواقعية تجعلك تنتشي جداً...

لذلك حالما تتذوقها ستوقف كل أحلام اليقظة.

 

كن أكثر وعياً واجلب وعيك إلى واقعية الوجود...

شاهد هذه الزهرة، ولا تفكر في تلك الزهرة..

استمع إلى هذه الكلمة التي لفظتها، ليس إلى الكلمة التي سوف ألفظها.

انظر إلي الآن...

إذا أجّلت ولو للحظة واحدة سوف تفقدني....

عندها ستتحول العادة إلى عادة متأصلة يوماً بعد يوم.

 

إن أحلام اليقظة هي عبارة عن أحداث ماضية في ذاكرتنا

نقوم بتعديلها وإضافة بعض البهارات لها،

إنها عبارة عن ما نتمنى حدوثه.... لكن في الواقع لا يمكن إرضاء الإنسان

ونحن يائسين عندما لا نحقق ما نريد ويائسين بعد تحقيقه أيضاً..

لا داعي لتلك الأحلام..!

إن أغلب الناس يطمحون للوصول إلى القمم وبعد وصولهم يحنون إلى حضن الأم وكوخ الجدة..

لهذا الحياة تشبه العجلة التي تدور وتتكرر...

الحل هو الرضا.. الرضا والتسليم نهاية العلم والتعليم

 

لم يكن الكاتب "فولتير" مشهوراً في يوم ما –

كما أن الجميع لم يكونوا مشهورين في يوم ما!

لقد ذكر في مذكراته أنه أراد وبكل شدة أن يكون مشهوراً..

لقد عمل بجد حتى أصبح أحد أكبر مشاهير فرنسا

أصبح مشهوراً لدرجة أنه أصبح من الخطر أن يغادر غرفة نومه!!

بسبب كثرة الخرافات في تلك الأيام اعتقد الناس أن قطعة من ملابس أي شخص مشهور لها قيمة عالية

تصبح أداة للحماية من الأشباح ومن الحوادث وما إلى ذلك...

هكذا سأم فولتير من شهرته، ولم يستطع حتى الخروج من منزله

وأخذ يصلي حتى تنتهي شهرته وتنتهي المأساة التي يعيشها حتى تحقق طلبه...

 

إن فكرك لا يمكنه السماح لك بأن تكون سعيداً،

ولذلك عندما تسقطه فجأة ستكون فرحتك تملأ الكون...

إن السعادة طبيعية كالتنفس،

وحتى عندما تتنفس يجب أن تكون واعياً...

يمكنك وبكل بساطة أن تكون واعياً لتنفسك

لهذا تجد المجانين أكثر سعادة ممن نطلق عليهم"العقلاء"

المجانين خرجوا من فكرهم ولكن وبكل تأكيد بالطريقة الخاطئة!

لستُ أطلب منك أن تكون مجنوناً... بل أطلب منك أن تكون متأملاً منتشياً!

 

تسألني لماذا تعيش في أحلام اليقظة؟

أنت وبكل بساطة لم تتذوق الحاضر،

تذوق الحاضر.....

أوجد تلك اللحظات التي تكون فيها سعيداً...

انظر إلى الأشجار.. انظر إليها فحسب وكن عيناً ترى...

واستمع إلى الطيور جيداً وكن أذناً تصغي...

 

لا أقول لك أن توقف تفكيرك بالمستقبل أو بالماضي

بل أن تكون أكثر حضوراً ووعياً..

كن في اتصال مع الحاضر والحضور

وأنت نور من نور...

 

أضيفت في:11-1-2011... زاويــة التـأمـــل> العلم و التأمل
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد