موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

ماذا عليّ أن أفعل حتى أقابل الله؟

أليس الحب هو الله ذاته؟ أليس القلب الغارق في الحب هو المعبد الحقيقي؟

والشخص الذي بعد استغنائه عن الحب، يبحث عن الله في أماكن أخرى.. هل يقدر أن يجده؟

في يومٍ ما، كنتُ أسأل هذا لنفسي... واليوم أسألك نفس الشيء...

الشخص الذي يبحث عن الله، يُعلن أنه لم يعرف أو يصل للحب، لأن الذي يصل للحب يصل لله أيضاً..

البحث عن الله يبدأ بالرغبة بالحب... بينما من المستحيل إيجاد الله دون معرفة الحب.

الشخص الذي يبحث عن الله لا يمكن أن يجده مطلقاً، وكذلك يفوته البحث عن الحب... لكن الشخص الذي يبحث عن الحب، بالنهاية سيجد الحب وسيجد الله أيضاً.

الحب هو الطريق.. الحب هو الباب والجواب... الحب هو الطاقة التي تحرّك القدمين.. الحب هو العطش للحياة... وفي النهاية، الحب هو الهدف والوصول الأصلي.. في الحقيقة، الحب هو الله.

أقول لك: اترك الله وأوجد الحب... انسَ أمر المعابد وابحث داخل قلبك.. لأن الله إذا وجد سيوجد هناك.

لو كان هناك أي رمز أو صنم لله فهو الحب، لكنه ضاع بين الأصنام الحجرية والفكرية!

ولو كان هناك أي معبد لله فهو القلب، لكن معابد الطين قد طمرته تماماً...

لقد ضاع الله منذ زمن بسبب أصنامه وكتبه ومعابده التي بنيناها... ومن الصعب مقابلته بسبب رجال دينه وشيوخه... وبسبب الصلوات والتراتيل التي ننشدها لأجله، صار مستحيلاً أن نسمع صوته هو...

إذا عاد الحب، سيعود الله أيضاً معه إلى حياة الإنسان.

ذهب رجل مثقف ليقابل حكيماً عارفاً، وهو يحمل فوق رأسه حملاً ثقيلاً من الكتب المقدسة والتفاسير، لدرجة أنه عندما وصل إلى كوخ المعلم كان نصف ميت من التعب... عندما وصل سأل المعلم: "ماذا عليّ أن أفعل حتى أقابل الله؟"... لكن رزمة الكتب التي يحملها على رأسه لا تزال هناك.

قال المعلم: "يا صديقي، في البداية وقبل كل شيء، ارمي هذه الرزمة!"

تردد المثقف كثيراً... ومع ذلك، استجمع القوة والجرأة ورمى الحمل... دون شك، ستحتاج شجاعة لا تُقهر لكي ترمي الأثقال عن روحك.

لكنه حتى بعد رميها كان يضع يده فوق الرزمة... قال المعلم: "يا صديقي، اسحب هذه اليد أيضاً"...

لا بدّ أن ذلك الرجل كان شجاعاً جداً، لأنه وبكامل طاقته سحب يده بسرعة عن الرزمة..

وعندها قال المعلم: "هل تعرف الحب وهل اختبرتَ لحظة منه؟... هل سافرتْ قدماك يوماً على طريق الحب؟.. إذا كان جوابك لا، فاذهب وادخل إلى معبد الحب... عِش الحب وتعرّف عليه، وبعدها ارجع إليّ... وأؤكد لك أن الله سيقابلك ويرافقك بعد ذلك".

رجع ذلك الرجل "المثقف"... ذهب كرجل مثقف لكنه لم يعد كذلك... لقد ترك مجموعته المعرفية الثقافية هناك خلفه... ولا بد أن ذلك الرجل كان مدهشاً فائقاً للعادة، لأنه من الأسهل الاستغناء عن كراسي الحكم والممالك، ومن الأصعب بكثير الاستغناء عن المعرفة... بعد كل شيء، المعرفة هي آخر سند للأنا.

لكن لأجل الحب من الضروري أن تخسر...

نقيض الحب هو الكراهية... العدوّ الرئيسي للحب هو الاستكبار، والكراهية هي فرع منه.

التعلّق وعدم التعلق، الرغبة والحرية من الرغبات... الطمع، الكراهية، الغيرة، الغضب، والعدائية.... جميعها أطفال الاستكبار.. وعائلته كبيرة جداً!

ذهب المعلم مع ذلك الشخص إلى أطراف القرية.. أوصله وودّعه بحرارة.. كان يستحق الوداع والاحترام.. وكان المعلم فرحاً بشجاعته.... حيثما تكون الشجاعة، هناك إمكانية لولادة الدين..... الشجاعة تقود للحرية، والحرية تقود لرؤية الحقيقة وجهاً لوجه.

ومرّت السنين تلو السنين... أصبح الحكيم عجوزاً ولا يزال ينتظر عودة الرجل... لكنه لم يعد.

في النهاية، ذهب الحكيم بنفسه وبدأ يبحث عنه، ووجده في أحد الأيام.

كان الرجل مأخوذاً بنفسه منتشياً ويرقص في ساحة القرية... وكان صعباً حتى معرفته وتذكّره.. لقد أنعشته السعادة وجدّدت شبابه...

أوقفه المعلم وسأله: "لم تعد إليّ!؟... لقد تعبتُ من انتظارك، وكان عليّ أن آتي بنفسي إلى هنا لأبحث عنك... ألم تعد تريد البحث عن الله؟"

قال الرجل: " لا.. إطلاقاً!! ..في اللحظة التي اكتشفتُ فيها الحب، في تلك اللحظة تماماً وجدتُ الله أيضاً".

أضيفت في:5-5-2014... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد