موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

كيف حاول أهل أوشو إقناعه بالزواج بعد عودته من الجامعة؟

قال أوشو: عندما رجعتُ للبيت بعد تخرجي من الجامعة، طبعاً كان أهلي قلقين ومتشوقين لكي أتزوج... كانوا خائفين من أنني لست من النوع الذي يتزوج، وكان والدي حذراً جداً لأنني عندما أقول "لا" تجاه أمرٍ ما فمن المستحيل بعدها جعلي أقول "نعم"... لذلك سأل أصدقاءه: "حاولوا أن تعرفوا ماذا يجول في فكره، إذا كان ممكناً أن يقول نعم، عندها فقط سأسأله.. لأنه إذا قال لا ولو مرةً واحدة يكون الموضوع انتهى تماماً".

هكذا بدأ أصدقاء والدي يسألونني.. أحد أصدقائه كان أفضل طبيب في المنطقة.. اتصل بي ودعاني إلى العشاء عنده، وفي الطريق سألني: "ما هو رأيك في الزواج؟" ..أجبت: "يا خالي، أنا غير متزوج، ليس عندي أي خبرة أو تجربة في الزواج... أنت قد تزوجتَ ثلاث مرات.. لذلك تمتلك من الخبرة أكثر بثلاث مرات من أي شخص.. أخبرني أنت، ما هو رأيك؟"

نظر إلي نظرةً حزينة بائسة وقال: "آه.. تجربتي.. أنا مجرد أحمق! كان عليّ أن أتوقف عندما ماتت زوجتي الأولى... لكن الحمقى يظلون حمقى.. تزوجتُ مرةً ثانية معتقداً أنه ليست كل امرأة ستكون مثل غيرها.. لكن خلال بضعة أيام.. المرأة كانت مختلفة لكن المشاكل نفسها كانت تتكرر.. وكان الله لطيفاً معي، حتى الزوجة الثانية ماتت.. لكن غبائي كبير لدرجة أنني تزوجت ثالث مرة وأنا أعاني الآن... وأنت تسألني: ما رأيك بالزواج؟!.."

قلت له: "هذا يكفي.. فقط أخبر والدي عن تجربتك... لقد حررتني تماماً من الزواج".

قال الطبيب: "ماذا تعني بهذا؟ لقد فعلتُ عكس ما طلب مني والدك تماماً! كان المفترض أن أقنعك بالزواج".

قلت له: "لقد أقنعتني! فقط أخبر والدي بكل الحديث الذي جرى بيننا.. سوف أتزوج فقط إذا قلتَ لي نعم تزوّج".

قال لي: "لا أستطيع.. لا، لن أقودك إلى نفسك النار والعذاب الذي مررت فيه.. لا يمكن أن أنصحك بالزواج".

قلت: "إذاً أخبر والدي بأنك أقنعتني أنه يجب ألا أتزوج".

قال: "لقد أوقعتني في ورطة أيها الشاب.. كان والدك يعتمد عليّ في هذا"

نقل الطبيب الحديث إلى والدي.. فقال له والدي: "كان عليك أن تكون أكثر حذراً.. بدلاً من إقناعه بالزواج، أفسدتَ كل شيء"

قال له الطبيب: "ماذا يمكنني أن أفعل؟ لقد نجح في كلامه بطريقة جعلتني أنسى تماماً الهدف من العشاء"

 

بعدما فشل والدي مع الطبيب، ذهب إلى صديق آخر... اعتقد أنه سيكون ملاذه الأخير، لأنه كان قاضياً ومحامياً في المحكمة العليا، ومن المعروف عنه أنه لم يخسر أي قضية طوال حياته... لذلك أخبره والدي: "إذا قدرتَ على ربح هذه القضية، عندها سنقبل أنك أعظم محامي في المحكمة العليا والمدينة كلها".

قال القاضي: "هذا شيء بسيط جداً... يمكنني بيدي اليسرى أن أفعله.. سآتي إلى منزلك غداً صباحاً"

قال له والدي: "تعال بعد أن تحضّر نفسك جيداً!"

قال القاضي: "لا تقلق أبداً.. أنا أعرف ابنك.. وهل تعتقد أن بإمكانه التغلّب عليّ في الجدال والإقناع؟"

قال والدي: "لا أعتقد أن بإمكانه التفوق عليك في الجدال، لكن عنده طرق غريبة.. الطبيب المعروف بأنه أكثر الرجال حكمة في المنطقة، نجح بالتلاعب به، وصار الآن يقف في صفه"

كان القاضي مستكبراً جداً وعنده طبعاً أسباب تجعله كذلك.. قال لوالدي: "لا تقلق أبداً"

لكن والدي قال: "لا تتساهل بالموضوع.. عليك التحضير وكتابة الوظيفة... لا تأتي دون تحضير.. أحذرك! فقد تخسر القضية... ابني شخص غريب"

قال القاضي: "لا عليك... اهدأ ولا تقلق أبداً.. غداً سأنهي كل الموضوع وسترى ذلك"

 

أتى القاضي العظيم في اليوم التالي.. رحبتُ به وسألته: "أنا أعرف لماذا أتيتَ اليوم.. وأعتقد أن والدي قال لك: كن حاضراً مستعداً واكتب الوظيفة"

نظر إليّ القاضي وقال: "كيف عرفتَ ذلك؟"

قلت له: "هذا ما قاله للطبيب أيضاً، لذلك أعرف أنه قال لك نفس الكلام مجدداً... وأنت هو ملاذه الأخير.. لذلك إذا هُزمت سينتهي كل موضوع الزواج تماماً"

لكنه قال: "ومن قال أنني سوف أُهزَم؟؟"

قلت له: "أنا لا أقول ذلك، فقط أريد توضيح بأنني إذا هُزمتُ أنا فسوف أتزوج، لكن إذا هُزمتَ أنت فهل أنت مستعد لطلاق زوجتك؟"

قال القاضي: "يا لطيف! كان والدك على حق... لم أفكر بذلك أبداً... أنك ستطرح هذا الموضوع... بالتأكيد معك حق، عليّ أنا أيضاً أن أضع شيئاً كشرط بالمقابل... لكن أصغِ جيداً وانتبه، عندي أطفال وأنت تعرف زوجتي.. إنها حتى تقوم بضربي.. وأنا لا أجرؤ حتى على ذكر كلمة (طلاق) أمامها"

قلت له: "أنت لم تأتي مستعداً متحضراً.. وأنا لا أحتاج لأي قاضي... أنا أثق بك، رغم أنك ستكون طرفاً في الجدال وستكون أيضاً القاضي فيه"

قال لي: "لا أريد أن أجادلك أبداً!"

قلت له: "ماذا ستجاوب والدي إذاً؟"

قال لي: "هذا ما أفكر به الآن"..

ولم يبدأ الجدال بيننا أبداً... واعتدتُ بعدها أن أذهب إلى منزله كل يوم، أطرق على الباب، وكان يجيب ببساطة: "لا أريد أن أتعارك وأتجادل معك.. فأنا معذب سلفاً بما فيه الكفاية"

وفي أحد الأيام خرجت زوجته وقالت لي من النافذة: "لماذا هو خائف منك لهذه الدرجة؟"

قلت لها: "بسببك أنتي"

وهنا بدأ زوجها يختبئ في الحمام ولم يرغب بالخروج والحديث معنا.. فقالت الزوجة: "هذا غريب.. إن زوجي لا يخاف من أي شخص في البلد كلها... وهو الآن يختبئ، ويقول لي أن أقول لك أنه ليس في البيت.. ما هي القصة؟ ماذا تطبخون؟"

قلت لها: "نحن لا نطبخ شيئاً... إنه فقط خائف من أن يُهزَم.. وأنتي أهم سند داعم لي"

قالت لي: "لا أفهم ماذا تقول.. ماذا يجري؟ ما هي المشكلة؟ بأي طريقة يمكن أن أدعمك؟؟"

قلت لها: "اسأليه بنفسك... فهو يفكر بطلاقك"

وهنا خرج القاضي فوراً من الحمام وقال: "لا تكذب! أنا لن أقوم بطلاقها أبداً... أنا أحبها جداً وسوف أحبها طوال حياتي"

قلت له: "الأمر يعود لك... لكن ماذا عن الجدال بيننا؟"

قال لي: "انتهى الموضوع.. لا أريد أن أراك مجدداً.. لقد جعلتني أرتجف لدرجة كبيرة، حتى أنني في المحكمة عندما أتذكرك أشعر بالخوف... فلا تخرّب حياتي العائلية أيضاً!"

قلت له: "لقد كنتَ ستخرّب حياتي بكاملها!!!"

 

كل المستنيرين ببساطة يخرجون من بين الأشخاص العاديين.. هم فقط أكثر يقظة ومراقبة منهم.. ينظرون حولهم في كل الاتجاهات.. يبدو المنظر مريضاً محزناً بأكمله، وهذا يصنع وعياً كبيراً داخلهم... وعندما يصلون إلى نقطة القمة في وعيهم، يبذلون كل جهدهم لمساعدتك بأن تستيقظ وتنتبه، وتفهم أن بإمكانك أنت أيضاً الخروج من هذه المسرحيات من العواطف والمعاناة.

وليس الرجل وحده في بؤس ومعاناة، بل المرأة في بؤس أكبر... يبدو أن هناك مؤامرة غريبة مستمرة، حيث يسبّب كل شخص الحزن والمعاناة للشخص الآخر... كثيراً ما سألني الناس لماذا لم أتزوج.. وأجيب: "بسبب الناس المتزوجين... لقد عرفتُ الكثير منهم وقد حذروني من ورطة الزواج"

وكل عملي واهتمامي الآن بأن أخرجكم من ورطتكم بطريقة ما، لأجعلكم أكثر وعياً ويقظة.. سواء كنتَ زوجاً أم زوجة... ومع قدوم وعيك ستزول معاناتك وهمومك... تماماً مثلما يبدّد النور الظلمة، الوعي أيضاً يبدّد الشقاء والبؤس.

 

 

أضيفت في:9-12-2014... كلمة و حكمة> همسات من الحياة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد