موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

ما هي القاعدة الأولى التي يصير البحث العلمي مستحيلاً من دونها؟

بالنسبة للراغب بالحصول على المعرفة التامة، ليس هناك أي شيء أساسي وحتمي أكثر من دماغ متواضع وحر... لكن كقاعدة عامة، الدماغ ليس متواضع ولا حر... إنه مبتلي بغرور الأنا والكبرياء، ومسجون بصرامة الهوس والتعلقات والتحيّزات.

الأنا تقيّده من الداخل، والانحياز والهوس يقيده من الخارج... وهكذا يستمر الفكر البشري المسجون يفقد ببطء كامل مقدرته على فتح الختم الذي يغطي الحقيقة.

سأل أحدهم ألبرت أينشتاين: "ما هي القاعدة الأولى التي يصير البحث العلمي مستحيلاً من دونها؟"... هل تعرف ماذا رد عليه أينشتاين؟

لم يتخيل السائل جوابه الجاهز حتى في الأحلام... قال له: "غياب الغرور".

بالتأكيد، مفتاح المعرفة التامة هو غياب الغرور... الغرور هو جهل.. الفكر الممتلئ بفكرة الأنا ممتلئ جداً لدرجة لا يبقى فيه مكان يستحق استقبال الضيف وهو الحقيقة... إذا كان خالياً من الأنا ستسكن الحقيقة فيه... بيت القلب ضيق جداً، لا يمكن لاثنين أن يسكناه سوية.

الطريق إلى الحقيقة، الصراط المستقيم، ضيق بالتأكيد... إنها الأنا التي تجمع التعقيدات والتعلقات.. هل هناك طريقة للظهور بأنك حكيم أسهل من العيش في الجهل؟ تقوم الأنا بتجميع المعرفة لزيادة نموها وتضخمها... وعندما تتسلح بها، تفترض أنها محمية جيداً.

المحافظة بصمود على نسج الأفكار والملاحظات، هي وسيلة حماية الغرور... لذلك، تتحول النزاعات حول الأفكار بسرعة إلى صراعات بين المغرورين... فيما بعد، تستقر كل الطاقة حول مركز "حقيقتي أنا"، "ديني أنا"، "كتابي المقدس أنا"... وليس حول الحقيقة، الدين، الكتاب المقدس الحي، أو الألوهية الحية... أليست الأنا هي مَن يصطنع تلك المراكز والأشياء؟

كيف سيكون هناك حقيقة في مكانٍ تشغله الأنا؟ كيف سيكون هناك "دين"؟ كيف ستظهر المعرفة التامة؟

الحقيقة تُزيح نفسها وتنسحب بمقدار ما تُقحم الأنا نفسها.. في هذه الحالة، تقبل الأنا العقائد وكلمات الكتب المقدسة كحقيقة وتبقى راضية بها.

لكن هناك عنصر من الخوف في هذا الرضى... هناك احتمال بأن الذي تمّ قبوله كحقيقة يمكن أن يظهر كذباً ومشكوكاً به... لأجل نفس السبب، تبدأ الأنا بنشر وإعلان الحقيقة التي قبلتها من أجل ترسيخ معتقداتها الخاصة بها.

إنها مستعدة حتى للموت من أجلها... إنها تخاف حتى من سماع أي شيء يناقض الحقيقة المقبولة، لأن هناك احتمال دائم بأن تظهر تلك الوقائع وتكشف زيف الحقيقة المقبولة سلفاً.

في هذه الظروف، لا ترغب بالسماع ولا حتى بمجرد التفكير... وتتمنى الأنا البقاء راضية في الاعتقاد الأعمى الذي قبلته.

لكن هذا الموقف قاتل للبحث عن الحقيقة... قبول الشخص للرضى الرخيص لا يمكّنه من إيجاد الحقيقة.

من أجل الوصول إلى الحقيقة، على المرء تجنب الرضى... الهدف هو الحقيقة وليس ذلك الرضى... عندما تحصل على الحقيقة، سيلحقها الرضى مثل الخيال..

الشخص الذي يعزم ويشد الرحال طلباً للحقيقة مهما كان الثمن، سيحقق الرضى أيضاً بالتأكيد... لكن الذي يبدأ بالبحث عن الرضى سيُحرم من الوصول للحقيقة وفي النهاية للرضى أيضاً.

 

أضيفت في:4-1-2017... كلمة و حكمة> همسات من الحياة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد