احذر من لا..! وظيفة الفكر هي الشك والظن والرفض... أن يقول لا.. فالفكر يقطع ويفصل... يقسم ويشتت.. أما القلب فيجمع ويّوحد... يلم ويضم... لتعد إلى قلبك بحنين طير مشتاق إلى وطنه... فالقلب هو المرشد والدليل، وكل الدروب تؤدي إلى الحقيقة إذا كانت القلوب متعطشة متشوقة للفناء واللقاء...
لنراقب أنفسنا كم مرة نقول "لا" في اليوم، ولنحاول إنقاصها، وسنرى رويداً رويداً تغييراً في درجات الـ "نعم" والـ "لا" لتتغير شخصيتنا جوهرياً..
نحن نندفع بتسرّع ونقول لا، دون أن يكون هناك داعٍ لقولها، مع أننا كنا نستطيع قول نعم...
"نعم" هي موت الأنا والاستكبار والتكبّر، موت التعاظم والتفاخر.. أما "لا" فهي للأنا غذاء وسماد وماء.... فلنتحرر من سجون الأنا المظلمة الموحشة إلى فضاءات الروح الفسيحة وأنوارها المضيئة...
أكثر من نصف أمراضنا تنتج من الاستكبار والحل هو بالتحول من هذا الاستكبار إلى الاستغفار، الاستغفار من كل شيء... من الحجر والشجر، من الطير والبشر...
عندما تقول: "لا.. لا.. لا!" تظهر أنا متعالية متعاظمة في داخلك...
اذهب لمحطة القطار، وتوجّه للنافذة لشراء بطاقة، ولكن لن يتم الأمر كما تتوقع، حيث ستنتظر وتنتظر دون أن يعيرك البائع اهتماماً.. فهو مشغول بأمر آخر، مع أنه لا وجود لأحد آخر... إنه يحاول أن يقول لك "لا"... وسيعطيه هذا شعوراً هائلاً بالقوة والسلطة، بأنه ليس مجرد بائع عادي، بل هو قادر على جعل أي شخص ينتظر... وينتظر...
إن قول "لا" هو أول شيء يخطر في بالنا، أما قول نعم فصعب للغاية.. لا نلجأ إليه إلا في حالات الضعف والعجز...
يمكننا أن نغيّر ذلك ببساطة، بأن نراقب أنفسنا ونكون شهداء عليها، ونقول نعم بكل أصوات الطبيعة.... لتموت فينا الأنا والأنانية، وليموت فينا الجهل والغرور...
لتذوب الأنا الفانية في الأنا الباقية الخالدة.. موتوا قبل أن تموتوا... وبموت الأنا أعرف من أنا.. وعندها تزهر في قلوبنا الِنعمُ والبركات...
أضيفت في:7-1-2006... صيدلية الروح> علاجات الرأس .... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع
|