<<<< >>>>

تجربة واقعية عن الحب والكراهية

أتى إليّ أحد الأصدقاء في الصباح الباكر.. وكانت عيونه تلتهب بالغضب والكراهية، يقول كلمات قاسية حامية وسامة عن شخص ما....

أصغيتُ له بصبر، وسألته إذا سمع بحادثة وتجربة محددة.... لم يكن في مزاج ليسمع أي شيء، لكنه قال: أي حادثة؟... عندما بدأت أضحك أصبح مسترخياً قليلاً... عندها قلت له:

 

قام أحد علماء النفس بتجربة عملية عن الحب والكراهية... حيث طلب من صف مكوّن من 15 طالب في الجامعة، أن يكتب كل واحد منهم خلال 30 ثانية الأحرف الأولى من أسماء بقية الطلاب الذين في نظره يستحقون الكراهية.

أحد الطلاب لم يقدر على كتابة أي اسم... وبعض الطلاب كتبوا بعض الأسماء.. وواحد كتب أكبر عدد أسماء وهو 13 اسم.

 

الحقيقة التي تم اكتشافها في هذه التجربة كانت مفاجئة جداً... الطلاب الذين كتبوا أكبر عدد من الأسماء التي يكرهونها، كانوا هم أنفسهم أكثر الطلاب المكروهين عند معظم الآخرين... وأكثر أمر فيه دهشة ومغزى هو أن اسم الطالب الذي لم يكتب أي اسم، لم يكن مكتوباً في ورقة أي طالب آخر!

 

إن الناس الذين يقابلهم الشخص ويلاقيهم في طريق الحياة، كثيراً ما يثبتون أنهم مجرد مرآة له...

ألسنا نجد انعكاسات لأنفسنا في الآخرين؟

 

إذا كان هناك كراهية داخل نفسك، ستجد الآخرين يستحقون الكراهية... تلك الكراهية ذاتها تصنع وتخترع الأشياء المكروهة....

وهذه الإسقاطات والاختراعات ليست أيضاً عبثية دون معنى، بل هي طريقةٌ تنقذ الشخص من مشكلة رؤية الأشياء الكريهة داخل نفسه...

 

عندما تصنع جبلاً ضخماً من تلّة الخِلد وتراه في الآخرين،

عندها ما يشبه الجبل داخلك يبدأ يظهر مثل تلة الخلد!!

http://www.alaalsayid.com/flashs/articles/1411682417mole%20hill.jpg

 

هناك فقط طريقتان للهرب من ألم أن تكون أعوراً: إما أن تعالج العين المصابة، أو أن تتخيل الآخرين قد فقدوا كل عيونهم.... بالطبع الطريقة الثانية تبدو أسهل لأنها لا تتطلب القيام بأي شيء، ويكفي مجرد التخيل للهرب من الألم.

دعونا نتذكر أننا عندما نقابل الآخرين، يجب اعتبارهم كمرآة وكل ما نراه فيهم يجب علينا أولاً البحث عنه داخل أنفسنا.

بهذه الطريقة، في مرآة العلاقات اليومية، يصبح المرء مشغولاً أكثر بالبحث داخل نفسه هو...

الهرب من الدنيا وعلاقاتها ليس جُبناً فحسب، بل أيضاً ليس له فائدة.... علينا أن نستعمل تلك العلاقات لأجل البحث عن النفس... في غيابها، من المستحيل أن يجد المرء نفسه، مثلما يستحيل أن ترى وجهك دون استعمال المرآة.

 

نحن نستمر بمقابلة وملاقاة أنفسنا نحن بهيئة وقوالب الأشخاص الآخرين...

القلب المملوء بالحب سيرى الحب في كل الآخرين... وفي النهاية، اكتمال وإتمام هذه التجربة يوصلك لمقابلة الله وجهاً لوجه....

على هذه الأرض بالذات، هناك أناس يعيشون في النار، وهناك آخرون يعيشون في الجنة...

المنبع الرئيسي للألم والمتعة، للنار وللجنة، موجود داخل أنفسنا.. وكل ما هو داخلنا نرميه ونُسقطه على الشاشة الخارجية مثل شاشة السينما.

 

إن عيون الإنسان هي التي لا ترى شيئاً سوى الموت بين أشياء هذا العالم.... وعيون الإنسان هي أيضاً من يقدر على مشاهدة الموسيقى والجمال الإلهي الأبدي في هذا الكون.

لذلك، كل ما يظهر في الخارج ليس هو الشيء الأساسي والأبدي في الحياة، بل ما هو موجود في الداخل...

 

أولئك الذين يثبتون عيونهم باستمرار على هذه الحقيقة يتحررون من العالم الخارجي ويستقرّون في العالم الداخلي...

 

أولئك الذين يتذكرون هذا المنبع الرئيسي دوماً في المتعة وفي الألم، في الكراهية وفي الحب، في الصديق وفي العدو... يجدون أنه في النهاية لا يوجد متعة ولا ألم، لا يوجد عدو ولا صديق، ما عدا النفس... أنا هو عدو نفسي وأنا هو صديق نفسي.

أضيفت في باب:25-9-2014... > رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد