<<<< | >>>> | |||
الإنسان الذي يعتني بحسن الخاتمة واللحظات الأخيرة كانت مجموعة من الرجال والنساء الكبار في العمر تسير في رحلة الحج.. وكان معهم شيخ كبير.. يشرح لهم بصوت عالي : "مع اقتراب نهاية الحياة وتفكير الإنسان بآخرته، يقترب يوم الحساب ... والإنسان الذي يعتني بحسن الخاتمة واللحظات الأخيرة يكون قد اعتنى بكل شيء.. في وقت الموت يجب أن تتذكروا وتذكروا الله.. هناك كثير من المذنبين ذكروا اسم الله بالخطأ في آخر لحظات حياتهم، وهم الآن يستمتعون بخيرات ونعيم الجنة".. كان حديث الشيخ ينتج الأثر المطلوب... أولئك الناس الكبار بالعمر كانوا ذاهبين للحج في نهاية حياتهم، وكانت قلوبهم ترقص فرحاً لسماعهم ما تمنوا سَماعه.. في الحقيقة، لم يكن الموضوع هو الحياة بل الموت، ولكي تتخلص من ذنوب الحياة كان كافياً تذكّر اسم الله حتى لو كان ذلك بالخطأ. وفي حالتهم هنا لم يكن خطأ بل تصميم وتخطيط للذهاب للحج.. سعادتهم شيء طبيعي، وعبر شعورهم بالسعادة كانوا يخدمون الشيخ ويدفعون.. كنت جالساً قربهم.. مع سماعي للشيخ ضحكت.. فسألني الشيخ غاضباً: "ماذا بك؟ ألا تؤمن بالدين؟" قلت له: "أين هو الدين؟ لا أرى إلا نقود الكفر تجري هنا على أنها دين، وفقط النقود المزيفة هي التي تطلب الإيمان والاعتقاد.. الإيمان مطلوب فقط حيث يكون الرشد والتعقل غير مفضل.. قاتل التعقل والوعي هو الإيمان.. لكن، لا العميان مستعدون لقبول أنهم عميان، ولا أصحاب الإيمان مستعدون للاعتراف بأنهم أتباع عميان.. المؤامرة التي يصنعها العميان ومستغلينهم قد قطعت معظم جذور الدين.. هناك استعراض شكلي للدين وممارسة للكفر.. هل فكرت قليلاً يا شيخ بماذا تقول لهؤلاء العجائز؟ مهما كانت حياتك، يجب أن تكون الأفكار صافية فقط في النهاية.. هل هناك نفاق أكثر من هذا؟ كيف يمكن؟ البذرة هي بذرة شجرة الشوك، والشجرة هي شجرة شوك، وتريد أن تحصل منها على ثمار المشمش؟ فقط خلاصة الحياة التي مضت، يمكن أن تظهر أمام الوعي في لحظات الموت. ما هو الموت؟ أليس اكتمال وأوج الحياة ذاتها؟ كيف يكون معاكساً للحياة؟ الموت ليس إلا تطور ونضج الحياة.. كل الأفكار والقصص الخيالية.. مثل قصة الرجل الهرم الذي حمل ألوف الذنوب، والذي في لحظة موته نادى لابنه: "عبد الله".. وبهذا لمجرد نطق كلمة "الله" بالخطأ، تحرر وتم مغفرة كل ذنوبه ودخل الجنة. هذه قصص الخرافات ومافيات الروح.. وما هي الخرافات والاختراعات التي لن يصنعها المذنبون والمنافقون!!؟ والشخص المستغل لهؤلاء العجائز المرتعبين موجود دائماً.. وهل هناك حقاً اسم لله؟ تَذكّر أن الله هو حالة شعور.. حالة ترمي فيها الأنا والاستكبار لكي تتذكر الله... فقط الشخص الذي يستمر بنفض غبار الغرور عن نفسه طيلة حياته، يمكنه في النهاية إيجاد مرآة الألوهية حيّة أمامه.. وهذا لا يمكن حدوثه عبر قول اسم ما بالخطأ.. إذا اعتقد شخص أن الله شيء أو اسم ما، وبقي يبحث عنه طوال حياته، في النهاية سيمتلئ وعيه بالجهل بدل النور.. مجرد تكرار كلمة لا توقظ الوعي، بل تدفعه للنوم.. ونحن لا نعرف لماذا نادى الرجل ابنه "عبد الله" ..المرجح غالباً أنه وجد نهاية حياته قد اقتربت، فأراد إخبار ابنه عن بعض الخطط والحسابات.. في اللحظات الأخيرة، لا يعبر أمام الوعي إلا ملخص حياة المرء ذاتها.. لا يمكن الاحتيال على ذلك. أخبرتهم عندها قصة حدثت: كان رجل عجوز وهو صاحب متجر كبير، مستلقياً على فراش الموت.. وجلس حوله أفراد عائلته وجميعهم حزينين.. فتح العجوز عينيه فجأة وسأل بقلق كبير: "هل زوجتي هنا؟" أجابت الزوجة : "نعم أنا هنا" "وابني الأكبر؟"... "نعم هنا أيضاً". "والأبناء الخمسة الباقين؟"... "نعم جميعهم هنا". "والبنات الأربع؟"... "نعم هنا.. لا داعي للقلق.. فقط تمدد واسترخي في هذه اللحظات واهدأ". قالت زوجته. حاول العجوز أن ينهض وصرخ قائلاً: "ما معنى هذا؟! مَن يجلس الآن في المتجر؟ تحركوا بسرعة!" |
أضيفت في باب:22-1-2018... > رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع
© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد