موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الحب و الزواج

يا مُتزوّج ويا أعزب... يا مربوط ويا مفلوت...
لا أنت سعيدٌ ولا هو مبسوط... فلماذا؟

حتى كلمة أعزب مرتبطة بالزواج بشكل أو بآخر...

فهل يوجد ما هو أسمى من الرّبط والفلت..؟
هل هناك شيء إنساني وراقي أكثر..؟

نعم يوجد... إنه أنت يا إنسان...
أنت بالحقيقة لستَ متزوجاً ولا أعزباً...

ولا يجوز أن تُوهِم نفسك بتغيّرات خارجية تحسب أنها حصلت لك فعلاً... فالزواج في أيامنا مختلفٌ تماماً عن زواج الرسول العالِم والأولياء الصالحين...

لقد أصبح الزواج سطحياً جداً... سواءٌ نتجَ عن حب أم عن كبت أو غَصْب...
لأنه في أغلب الحالات تكون النتيجة واحدة... وهي الزواج ثم الطلاق...
فهل الحق على الزواج أم على المتزوّجين..؟

الزواج حبرٌ على ورق... أما المتزوجون فهُم مَن يحدّد مصير هذه العلاقة...
والخطأ الأول الذي يرتكبه الشخص في حياته هو الاعتماد على الطرف الآخر...

حتى في حال أحبَّ أحدهما الآخر بعمق، فإنك ستجد نوعاً من الاتكال على الشريك للشعور بنوعٍ من الكمال أو السعادة والغبطة... لكن ما هذه إلاّ خَبْطة... وعُقدة وربطة يلفّها كل منهما على رقبة الآخر...!

هذه العلاقة لن تستمر، لأنها بدأت بشكلٍ ما من الحاجة لوجود الشريك... وحيثما توجد الحاجة توجد المصلحة...

لكن المجتمع يختار أسماءً وكلمات زائفة رنّانة وطنّانة... كالحب والغرام والهيام...
وتستمر الكذبة وراء الكذبة... وتستمر أحلامك الوردية... التي ستتحول إلى كابوس في يوم من الأيام... وإلى كثرة في الكلام الفارغ والملام... يا أفندي ويا مدام...

إن العلاقة الحقيقية أو المحبة الحقيقية التي تؤدي إلى زواج ناجح في كل الأحوال... بلا استهداف للجيوب والأموال... هي العلاقة الخالية من كل حاجةٍ أو مصلحةٍ تحصل عليها من المحبوب... فالحب يُعطيه حريته واستقلاله ولا يعني أبداً تقييده واستغلاله... إنه لا يعرف غاية أو حاجة أو مصلحة... سواء كانت مادية أم عاطفية...

الحبُّ كاملٌ مُكمِّلٌ بحدّ ذاته... ولكنه يحتاج إلى وعيٍ وصحوةٍ كبيرين لرعايته... حتى يصل إلى أسمى قمة... وأكبر نعمة...
وعندئذٍٍ يمكن أن يحدث الزواج ويستمر... فيكون انصهاراً لقلبين في كُليّة الحياة ووَحدتها وأبديّتها...

وباب الدخول واحد... وهو التأمّل...
إنه الباب الوحيد الذي يسمح لك باختبار وعيٍ أبعد من حدود الجسد والفكر والقلب... هذا الوعي أو الحال أو الحَضرة... هو الذي يمنحُ حبَّك الحرية الكاملة من كل حاجة ومصلحة... وينقّيه من كل شوائب التملّك والرّغبة...

التأمّل هو الجناحان اللذان سيَرفعا حبك ليتوحَّد مع الحب الأبدي الواحد... الذي ينتشر فيك مع كل نفَسٍ وكل نبْض... ويجعلك منتشياً سكراناً ترقص مع الأشجار والطيور والأزهار والنجوم... تُحلّق عالياً في السماء البعيدة...

وإذا قابلتَ محبوبك هناك... ستنظر في عينيه لترى نفسك... وحتى لو أخبرك بأنه "يُحبّ أحداً غيرك"، ستبتسم عيناك... ويُشعّ نورُ قلبك... لأن الأمر لا يعنيك بكل بساطة...!
فأنت تحبّ لأنك تحبّ فقط دون أي شرط...

إن حبك سيكون دفء الحرية وسماءها... ونور الحياة وماءها... إنه العطر الذي يفوح من الزهرة عندما يملؤها ويفيض منها...

الزواج الحقيقي يا صديقي بعيدٌ عن كل ما تراه من تعقيد وعُقد وعقود وصكوك... فتلك الأوراق لن تكون بديلاً عن الوعي الذي يرعى برعمَ الحب الصغير الناعم ويحميه من رياح الأنانية والسيطرة والحماقة التي قد تجمّده في أي لحظة...
وإلا ستكون هذه الورقة أول ربطة ولبطة تقودك إلى القفص الحديدي البارد حيث يموت الحب وتموت أنت...

الحب لا يعرف أقفاصاً أو وُعوداً وأوهاماً مستقبلية...
لأنها ستبقى على الورق فقط... وعندها لن تنفع المُكابرة وإخفاء الجرح...

بل ينفع كَشفُه وكَبْسُ الملح... ولا داعي للاستمرار برباطٍ ميّت حتى الموت...

ولكن في هذا الزمان...

يسير الأمواتُ فوق الأرض ويحسبون أنفسهم أحياء...
ينتظرون الموت وكأنهم أحياء...
يتحدثون عن الحياة وكأنهم أحياء...
وكأنهم أحياء...
فلا موتَ بعد هذا الموت... ولا قبرَ أعمق من هذا القبر...
ولا جحيم بعد هذا الجحيم...

فإلى أين نحن ذاهبون؟؟؟

أضيفت في:4-8-2009... الحب و العلاقات> محبة بلا رباط
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد