موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الجامعة و الجماعة

جامع.. جامعة.. جماعة... ويد الله مع الجماعة... ما هو، ومن هو الجامع بيننا؟

التشارك والاشتراكية الحقيقية لا يمكن أن توجد إلا في جماعة متصلة متعمقة في التأمل... ليس لها أي علاقة بالبنية الاجتماعية أو الاقتصادية.. الاشتراكية الحقيقية ليست ثورة اجتماعية وليست اجتماعية أيضاً، بل ثورة فردية في وعي الفرد.

إذا اجتمع عدة أشخاص يعيشون هذه الثورة الداخلية وعاشوا معاً، ستظهر حتماً نوعية جديدة وطاقة جديدة... يمكنك تسميتها اشتراكية لكن من الأجمل تسميتها تشاركية وأخوية... فقط في الجماعة يمكن أن يظهر التشارك الحقيقي، لكن الجماعة شيء نادر الحدوث.

 

عندما كان النبي حياً في جسده تشكلت حوله جماعة من الصحابة... والمسيح تشكلت حوله جماعة من التلاميذ وكذلك بوذا وكل مستنير في الأرض... دخول الناس في جماعة يعني أن يرموا الأنا عندهم، وألا يبقوا كجزر معزولة، لقد صاروا كياناً واحداً متكاملاً، متصلاً ومتناغماً.

المجامعة تحدث سطحياً بين الأجساد...

المجموعة والاتصالات تحدث بين الرؤوس...

أما الجماعة والتواصل فتحدث بين القلوب..

وحيثما تتفتح عدة قلوب وتصبح أزهاراً تنشر عطرها، ستصدر كمية كبيرة من العطر والنور... ذلك العطر يحيط بكل نبي وحكيم، لذلك قال الحبيب خذوا عطركم عند كل مسجد... يمكنك أن تسميه عطر النبي أو نور النبي... لكن هذه الطاقة مميزة جداً، ليس فيها أي سياسة أو قوانين.

 

عندما يوجد أي مستنير، لا بد أن تتشكل جماعة حوله... وانتبهوا من الفرق بين الجماعة والمجموعة... المجموعة مجرد حشود من المتطفلين الأغبياء... أما الجماعة فهي ذوبان بين قلوب الأتقياء الأنقياء...

 

لا بد أن تتشكل جماعة حول المستنير ولا يمكن تجنب حدوثها... لأن المريدين سيأتون إلى المستنير من كل زوايا الأرض، دون الحاجة لأي دعاية أو وسيلة إعلام... تماماً مثلما تأتي النحلات إلى الزهرة العطرة المتفتحة من أماكن بعيدة... فجأة يصبح العطر مغنطيساً قوياً، لكن للنحلات وليس لكل الناس... الكلاب ستمر بجانب الزهرة دون حتى النظر إليها، الزهرة غير موجودة بالنسبة لها لأنها غير حساسة تجاهها.

المستنير موجود فقط بالنسبة للناس ذوي الحساسية والإدراك، المستحقين الحاضرين الباحثين الملتمسين بفكر وقلب مفتوح... ملايين الناس التقوا بالمسيح والنبي والحكيم في الطريق ولم يعرفوه... حسبوه شخصاً عادياً مثقفاً قليلاً، وهناك الكثير مثله، لذلك جمعوا بعض المعرفة منه وتابعوا طريقهم مبتعدين...

لكن أصحاب القلب والإحساس، القلب الذي يستطيع أن يرقص مع الطاقة المرهفة عند المستنير، مع ذلك العطر الخفيف، عندما اقتربوا منه ضاعوا وذابوا تماماً وتوحدوا معه... ومن تلك القلوب المتحدة ومن الأفراد تظهر جماعة الصحابة.

 

في الجماعة لكل شخص فردية، لكن لا أحد عنده شخصية... لا أحد أناني، لكن لكل شخص فرديته وتميّزه... يساهم في الجماعة بطريقته الخاصة به... وكل شخص محترم مهما كان عمله، وهناك احترام كبير للفرد والفردية.

قد يكون في الجماعة عدة شعراء ورسامين وعلماء مشهورين ومؤلفي كتب، لكن أحياناً تجدهم يصنعون الأحذية أو يعملون في النجارة أو غيرها من الأعمال العضلية في الحديقة... لأن هناك شيئاً واحداً مهماً واضحاً: عملك وعلمك لا يصنع أي فرق... فرديتك تبقى كما هي أينما كنت... عملك لا يعطيك أي مكانة أعلى من غيرك، ولا يصنع أي طبقية... كل فرد يعمل ما يحب ومن كل قلبه ببساطة...

 

في الجماعة، من الأصل ليس هناك أي دكتاتورية، رغم أنه للأغراب الجدد قد يظهر أن هناك دكتاتورية كبيرة... إذا أتى شخص غريب إلى الجماعة، سيعتقد أن المستنير شخص مستبد متسلط ودكتاتوري... لكن بالحقيقة المستنير شخص عادي مثل البقية ولا يأمر أحداً بأي شيء.

الناس في الجماعة يعملون ما يحبون، كفرحة ومشاركة بالحب الفائض في القلب... ولا أحد يأمر أحد... قد يسألون المستنير شيئاً ما، لكنه يعطي اقتراحات وليست أوامر... والناس أحرار إذا أنصتوا لها أم لا... إذا أنصتوا لها دائماً فالفضل يعود لهم وليس للمستنير، وإذا رفضوها لهم كل الحرية أن يتصرفوا كما يحبون.

 

في الجماعة الحقيقية في نظري، الله هو الجامع الحقيقي... أقدس وأسمى شيء هو مركز الجماعة... ومن خلال المستنير، يتدفق الله... الله فعل وليس اسم... وهو أعلى وأسمى شيء يصنع الجماعة.

 

إذا كنتَ مريداً عند معلم، إذا استسلمتَ لمستنير... فهذا قرارك أنت، حريتك أنت.... لا أحد يجعلك تستسلم... وعندما يستسلم عدة أشخاص لمستنير، فهم في الحقيقة يستسلمون لمستقبلهم هم ذاتهم، لطاقتهم الكامنة القصوى.... المستنير يمثل ببساطة ما يمكن أن يحدث لهم... مجرد انعكاس وإشارة للزهرة الداخلية التي يحملها كل شخص على الدرب.

عندما تستسلم لمستنير، فأنت بهذا تسلّم ذاتك الدنيا إلى ذاتك العليا... المستنير مجرد وسيلة ليحدث ذلك.... عندها تظهر جماعة حقيقية في الوجود.. ناتجة عن الحب والتأمل والصلاة...

 

لقد تطور الإنسان ونضج في هذا الزمان... وخصوصاً اليوم، لقد أتى الوقت المناسب لتنتشر وتنفجر بالنور آلاف الجماعات الحقيقية عبر العالم... وهذا ما نقوم به كلنا ومعكم أنتم أيضاً.

لقد كانت ولا تزال الجماعات موجودة هنا وهناك في شتى أنحاء الأرض، وكل منها تعمل على هواها، لكن في هذا الزمن الحديث يمكن الوصل بين كثير من الجماعات عبر العالم لتتناغم وتعمل معاً، من خلال أي معلم كأوشو أو ميتشيو كوشي وغيرهم... نحن في عصر تطور فيه العلم كثيراً وسهل علينا التواصل مع كل المناطق، وصارت الأرض قرية كونية صغيرة.

 

وجود الجماعات في هذا العصر فيه عملية توازن مقصودة... يمكن "للدين" الآن أن يوجد بمستوى أعلى من أي مستوى سابق، لأن العلم قدّم الجو والخلفية المناسبة... وأكثر من ذلك، لقد صنع العلم خوفاً رهيباً حول العالم بأنه يمكن أن يدمر البشرية كلها.... وصار الدين هو الأمل الوحيد لإنقاذها.... وعندما تكون القضية مسألة حياة أو موت، فلا بد أن تجد ملايين الناس تأتي وتهتم بالتأمل بصدق، لأن التأمل هو فقط الذي يستطيع إنقاذ البشر.... إذا بقي الإنسان كما هو واستمر بتطوره العلمي، فإن العلم المتطور بحد ذاته سيصبح عبئاً ثقيلاً كالجبال.

 

العلم الحديث قد يجلب حرباً عالمية ثالثة شاملة في أي لحظة، والمسألة صارت خياراً بين الحياة والموت لأول مرة عبر التاريخ... لذلك هناك أمل بأن الدين أو التدين الحقيقي يمكن أن ينتشر وأن يبحث عنه ملايين المريدين الحقيقيين.

 

يمكننا جميعاً المساعدة بإنشاء عدة جماعات عبر العالم...

وتحويله من نار إلى جنة... إلى مكان مليء بالصحة والفرحة والسلام..

أضيفت في:14-6-2010... الجامعة> منهاج تأسيس الجامعة
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد