من أجل أطفال أصحاء
HTML clipboard
هل نأكل لكي نعيش...؟ أم نحن نعيش لنأكل...؟
هل نأكل لأننا أحسسنا بالجوع...؟ أم نأكل لأنه قد حان وقت الوجبة...؟
هل نأكل بوعي وإحساس كامل بما نأكله..؟ أم نأكل كما نفعل أي شيء في حياتنا بدون وعي
وبذهن ٍ حاضر في مكان آخر غير مكاننا الآني.. شارد في ألف فكرة وفكرة...؟
وهل تعي الأم ماذا تفعل عندما تدخل مطبخها.. وماذا تصنع بحياة عائلتها وأطفالها...؟
هل تعي أنها تصنع لهم حياتهم قبل طعامهم وهي تطبخ..؟
فهي من تختار أن تخلق حياة ملؤها الصحة والسعادة والسلام..أو حياة ملؤها التذمر
والكآبة والتوتر والضجيج..
فهل حقاً نعي كم للأكل ولما نأكل وكيف نأكل وكيف نطبخ تأثير على كامل حياتنا..؟ أم
نعتبر طعامنا وطبخنا ضرورة يومية لا أكثر..؟ أم يمكن أن يكون همّاً يومياً لأم
محتارة لا تعرف ماذا تطبخ، فقط عليها أن تفكر بطبخة يومية لتحضُر على طاولة الغداء
أو العشاء لتنهي واجباً من ضمن واجباتها...!
ولكن لو أننا نحيا بوعي حقاً ونعرف ولو القليل عن تأثير طعامنا على جسدنا وفكرنا
وحياتنا لاستطعنا أن نحول هذا الواجب اليومي لفن ٍ ومتعةٍ ورقص ٍإذا أردنا، ولوضعنا
كل فرحنا في طبخنا لنحول حياتنا يوماً بعد يوم إلى فرح دائم نستطيع أن نحياه فقط لو
عشنا لحظاتنا بوعي وذهن حاضر ٍ في لحظتنا.
ولاستطاعت كل أم أن تخلق الحياة التي تريد لها ولعائلتها وأطفالها.
ولأن طعام أطفالنا يصنعهم...علينا أن ننتبه ونعي ماذا نطعمهم وكيف نطعمهم، وعلينا
أن نكون حريصين كل الحرص على التعامل مع أطفالنا بخصوص أكلهم فنحن من نخلق لهم هذه
العلاقة مع الغذاء، فإما أن تكون علاقة صحيحة ًتستمر معهم بقية حياتهم وتصنعهم
بصورة متوازنة، أو تكون علاقة خاطئة متوترة تصنع لهم شخصية غير مستقرة ٍ أو
متوازنة. فإن كنا واعين لدورنا كأمهات ٍ في خلق هذه العلاقة لاستطعنا أن نخلق
أطفالاً أصحاء جسدياً ونفسياً وفكرياً وروحياً أيضاً.
ودائماً خلق القواعد للأطفال هو فنٌ...
فنحن علينا أن نؤمن لهم طعاماً صحياً يحمل طاقة وتوازناً ولكنه يجب أن يكون جميلاً
أيضاً، وعليهم أن يحبوا ما نقدم لهم لا أن يفرض عليهم لأننا نريدهم أن يكونوا
أصحاء.
فكل الأمهات التي تريد أن تقدم لأطفالها طعاماً يغذي فكرهم وجسدهم قد يعانون من رفض
الأطفال لهذا الطعام أو معاندتهم لكل ما يمنعون عنه، ولكن ببعض القواعد وفن التعامل
نستطيع أن نجعل الأطفال يصبحون حكيمي أنفسهم وصحتهم. ونخلق لهم نظاماً غذائياً
صحياً يكون أجمل هدية تقدمينها كأم ٍ لطفلك ِ مدى الحياة.
وهذه هي القواعد البسيطة والمهمة :
1- أن لا نجعل أي طعام ممنوع تماماً..
فهذا المنع سوف يجعل هذا الطعام بالتحديد مرغوباً أكثر، فكل ممنوع مرغوب.. وكلما
تشددنا أكثر، كلما ازدادت رغبتهم أكثر.
إن هذا المنع ليس صحيحاً وليس صحياً نفسياً أو عاطفياً ولا حتى فكرياً بل سيكون له
انعكاساتٍ كثيرة على نفسية الطفل..
وفي الحقيقة سوف يكون للأطفال فرص ٌ كثيرة لتناول ما يحبون من ممنوعات ٍ بعيداً عن
عيون رقابة أهاليهم، فإن فرضت ِ قانوناً في البيت وتظنين أنهم يلتزمون به، فثقي
تماماً أن أطفالك ِ يخرقونه خارج منزلك ِ ويأكلون ما يشاؤون مما كنت قد منعتيهم عنه
داخل جدرانك. في المدرسة.. في الملعب.. أو حتى في بيوت أصدقائهم أو حفلاتهم.
وإن قوتك ِ الوحيدة أمام هذا الوضع هو ثقافتك ِ...
فالحل : إن أردت لطفلك ِ أن لا يأكل طعاماً معيناً (كالسكر
والشوكولا..أو شرب الكولا) حاولي أن تشرحي له لماذا يجب أن لا يأكل هذه المضرات.
ولكن لا يجب أن نعطيهم أي كلام ونستخف بذكائهم...كما ليس المطلوب أن نشرح كلاماً
علميا ًغير مفهوم ٍ لهم ولكن..
فقط فلنفتح باب الحديث بيننا ونتناقش معهم حول هذا الطعام أو الشراب وكيف يؤثر على
جسدهم وأدائهم في حياتهم. كأن نرى ما هو أكثر شيء يحب الطفل أن يفعله (رسم..رياضة
معينة.. أو أي هواية محببة لقلبهم) ثم نحاول أن نربط بينها وبين تأثير ما يضرهم من
طعام ٍ على هذه الهواية بالذات كأن نقول: إذا كانت هوايتهم لعب كرة القدم... كيف أن
أكل الكثير من الحلويات أو شرب الكولا سوف يؤثر على مستوى طاقتهم وأدائهم في الملعب
ويجعلهم يقعون كثيراً أثناء المباراة أو التدريب وكيف يجعلهم ذلك أيضاً يشعرون
بالجفاف في جلدهم وفمهم مما يعطيهم شعوراً مزعجاً وسوف لن يكونون قادرين على متابعة
اللعب. وبعد هذا الشرح البسيط يجب أن نقدم لهم بديلاً لما نحاول إبعادهم عنه كأن
يشربوا أي عصير ٍ طبيعي تحضرينه في المنزل.
فبهذه الطريقة مرَةً بعد مرَة نجد الطفل قد أصبح لديه أساساً يعتمد عليه ويشعره
بالراحة ويجعله فاهماً لم عليه أن يمتنع عن طعام ٍ معين، وليس هو نوعٌ من الفرض
الذي لا يفهمه.
ولعل أحلى مثال على إقناع الأطفال لأكل السبانخ كان باباي... وأن كل من يأكل
السبانخ سيصبح قوياً مثل باباي..
مثل هذا الأسلوب يحبه الطفل ويعطيه مبرراً يقنعه لم َعليه أن يأكل هذا ويترك ذاك.
وهو أسلوب رائع لخلق الوعي عند الطفل بأن كل ما يضعه في جسمه يؤثر عليه وبهذا نخلق
لديه هذه العلاقة بين غذائه وبين الجسد والفكر.. وبين الغذاء والصحة والمرض.
فكلما أحبرنا أطفالنا لما نعطيهم هذا الغذاء دون غيره كلما أحبوه أكثر كأن نقول لهم
: إن هذا النوع من الغذاء سوف يجعلك أذكى أو أطول أو أسرع.... وكل أم تعرف أي
الكلمات الأقرب إلى قلب طفلها لتكون معينها في حوارها البسيط مع طفلها.
2- دعي طفلك يجرب....
وقد تكون هذه الخطوة الأصعب بالنسبة للأم ولكنها خطوة ضرورية وتوفر الكثير من
التعب مع طفلك ِ.فالتجربة سوف تجعله يعيش الإحساس تماماً لا أن يتخيله فقط، وهذا
الإحساس سوف ينطبع بمخيلة طفلك وسيكون مساعداً له حتى يتجنب أكل ما يضره.
فعندما نحاول أن نشرح للطفل ضرر تناول البوظة والحلويات والشوكولا بكافة الطرق
ولكنه لم يقتنع ومازال يصر على أكلها. فعندها سوف نلجأ للتجربة ونضع أمامه كميات ٍ
كبيرة منها ونتركه يأكل أكثر مما يستطيع... وبعدها علينا أن نسأله كيف يشعر ونحاول
أن نجعله يتأمل إحساسه.
فكل الناس يحبون أن يشعروا بإحساس ٍ جميل بعد الطعام لا أن يعطيهم الطعام شعوراً
مزعجاً يريدون التخلص منه بأي طريقة، ولنعلم دائماً أننا إذا لم نحس بهذا الإحساس
الجميل بعد تناول وجبتنا.. فنحن نأكل الطعام الخطأ...!
فكيف بالأطفال وهم أشد حساسية للطعام من الكبار، وهم أكثر قرباً لأجسادهم مما نكون
نحن. فاختبار الإحساس بكل غذاءٍ هو أجمل طريقة للتحاور بينهم وبين أجسادهم، وسوف
يعتادون أن ينصتوا لها لبقية حياتهم.
ولكن هذه التجربة بأكل أكثر مما يستطيع الطفل لا يجب أن تكرر دائماً، ويجب أن تعرف
الأم مع أي نوع ٍ من الطعام يمكن لهذه التجربة أن تنجح.
3- دعي البيت مليئاً بالطعام الصحي.
فالأطفال يحبون أن يأكلوا عادة أكثر من عدد الوجبات المحددة في المنزل، وهم
سيأكلون ما هو موجود أو متوفر أمامهم. فبدل أن يعتاد الطفل أن يتسلى برقائق البطاطا
مثلاً نستطيع تجهيز صحن ٍ شهي ٍ من الخضار الطازجة المقطعة، ونضع الصحن على الطاولة
أمامهم، وهم وحدهم سوف يأخذون قطعة وراء قطعة وهم يلعبون ويركضون في أنحاء البيت...
فقط فلنحاول أن نبقي خياراتهم المتوفرة في المنزل من الحلويات والسكريات قليلة جداً
ولن يجدوا أمامهم إلا ما تحضريه لهم.
واحرصي على أن لا يعتادوا تناول الوجبات الخفيفة بوقت متأخر ٍ في الليل فإن ذلك
دوناً على أنه عادة غير صحية على الإطلاق، فإن ذلك يجعلهم جائعين في الصباح، حيث
عليك ِ تحضير إفطار جيد لتجعلي عادة تناول الفطور عادة أساسية لديهم.. تبقى أجمل
عادة تعطيهم إياها على طول حياتهم.
4- قدمي للأطفال نفس نوعية الطعام الذي تطبخينه للعائلة جميعها.
فليس هناك ما يسمى وجبة أطفال ٍ ووجبة كبار، فهذه مجرد خدعة تسويقية ذكية لتسويق
ما يسمى بأغذية الأطفال. فكل أم تعرف ما يناسب أطفالها من غذاء ٍ كلٌ حسب عمره فقط
بإضافة ٍ ما.. أو إلغاء ٍ ما على وجبة الكبار وسيكون الطعام مناسباً للجميع.
5- قدمي الطعام للأطفال بطريقة تشبه طفولتهم.
كأن نرسم وجهاً مبتسماً بالخضار على صحنهم ليستمتعوا بالشكل أولاً ثم يبدؤون الأكل
والاستمتاع بالطعم بعدها، فالعيون تستمتع بما ترى من جمال ٍ في المنظر قبل أن تتذوق
الطعم وخاصة الأطفال.
فبإمكاننا مثلاً تقديم الأرز لهم في قالب ٍ من القرع أو اليقطين الصغير الذي يمكن
أن نصنع منه وجهاً مبتسماً أيضاً. وبذلك نستطيع أن نجعل مائدتهم تشبه عالمهم
الجميل، ويتحول طعامهم إلى متعة ٍ ومرح ٍ بدل الفرض والترهيب، ليس فقط بالنسبة لهم
بل لكل العائلة.
ولنحاول دائماً أن نجتمع معاً وقت الطعام على مائدة واحدة ونأكل سوية معهم، فهذا
وقت ٌ رائعٌ لنتواصل معهم ومع أنفسنا، نعلمهم ونتعلم منهم معنى الشكر والامتنان لكل
ما لدينا.
6- دعي أطفالك ِ يشاركونك تحضير الطعام.
فمشاركتهم لك ومساعدتك في الطبخ فيها متعة كبيرة لهم، دعيهم يشمون رائحة الطعام
الذي تحضرينه بعد كل إضافة ٍ تضيفينها فبذلك يعتادون أن يشركوا حواسهم جميعها في
الطعام، يشمون رائحته.. ثم يستمتعون بمنظره الجميل... ومن ثم يستطعمون الطعم..
وبعدها يأتي الإحساس.
فهذه العلاقة الجميلة مع الطعام تجعل كل وجبة من طعامنا طقساً ممتعاً نمارسه كل يوم
ٍ بفرح، وليس عادة أو واجباً يومياً علينا الانتهاء منه.
7- إذا أردت لطفلك أن يجرب طعاماً جديداً عليه.
فقط حاولي أن تحضري هذا الطعام لنفسك وهم معك، ثم ابدئي بتناول هذا الطعام أمامهم
وحاولي أن تظهري متعتك بتناوله.. فالأطفال فضوليين بطبيعتهم وسوف يحاولون تجربة ما
تأكلين ليكتشفوا بنفسهم.
8- كوني صبورة مع أطفالك.
فالمحاولة قد تحتاج أحياناً أن تعاد 10 أو 11 مرة لتنجح مع الطفل حتى يستسيغ طعماً
معيناً ويعترف بأنه لذيذ ويعتاد أكله. ولكن علينا أن نشرك مع هذه المثابرة قليلاً
من المتعة أو كثيراً منها...لا أن نحسه عملاً علينا القيام به. فتغذية أطفالنا لا
تكون فقط بتوفير الغذاء الصحي لهم والعادات الغذائية الجيدة ولكن ان نغذيهم حباً
وبحب ٍ قبل كل شيء وأهم من كل شيء.
إن المفتاح الأساسي لنظام غذاء ٍ صحي ٍ لأطفالنا.. أن لا نقول لهم لا تأكلوا هذا..
وكلوا هذا ولكن أن نعطي ما نعرف عن الغذاء ونتشارك معهم بهذه المعرفة وأن نشرحها
لهم بلغتهم البسيطة وبجمال براءتهم. وعندها سوف يملكون الخيار لأن يأكلوا ما هو
أكثر صحة لهم لأنهم يعرفون ويفهمون وليس لأنهم يتبعون وينقادون دون وعي.
وأخيراً..
إن كل أم هي من تصنع علاقة أولادها بغذائهم منذ الصغر..
وإن كل أم هي من تصنع حياة أطفالها ومستقبلهم من مطبخها..
فهل نحن بواعين حقاً لهذه الحقيقة....؟؟؟؟؟
فلنقرأ حتى نعرف...
ولنعي ما نقرأ.. ولنعي ما نأكل... ولنعي ما نفعل..
ولنعي كيف نعيش.. فالحياة دون وعي ٍ هي موتٌ دون نعش ٍ..!
والفرق بين أن نحيا بوعي ٍ أو بدون وعي.. كالفرق بين الحياة في الجنة أو في النار.
أضيفت في:31-12-2010... أطفال وأجيال> الأطفال والغذاء .... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع
|