موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الخطيئة خطوة إلى الرحمة الكونية

الإثم.. الخطيئة.. الذنب.. لعلها مصطلحات انتشرت بكثرة منذ الماضي وحتى يومنا الحاضر، فكانت العائق الأول والأعظم في وجه الإنسانية.. وهكذا فإن كل جيل يحمل للقادم من بعده عبء أخطائه فيغرقه في مزيد من الجهل والكبت والمأساة الجماعية...

وما يحدث في هذا المجال ليس صدفة، إنها إحدى أخطر وأهم الاستراتيجيات التي تتبعها الحكومات العالمية والأديان المنظمة من أجل استغلال كل إنسان وكبت طاقاته وإبداعاته ونقله من مرتبة الإلوهية الأسمى إلى العبودية الأدنى..

الخطيئة هي حكم مسبق على ملذات الحياة واتخاذ مواقف سلبية منها دون اختبار متعتها وجمالها.. والسبب هو أن الطفل منذ ولادته يتم تشفيره على الشعور بالذنب، فهو يحبّ أن يركض ويلعب بنشاط يصرخ ويضحك ويرقص، أما الأهل فيعلمونه أن هذه التصرفات خاطئة وأن عليه أن يلتزم الجدية حتى يكون محترماً في المجتمع... ولكن الطفل ببراءته لا يمكنه أن يفهم فلسفتك ومنطقك الذي تتحدث به..

لذلك إما أن يستمر بعناد وتمرد في الصراخ دون أن يكترث بك فيُطلق عليه لقب الطفل المشاغب غير المؤدب الذي لا يُطيع الأوامر وينبذه رفاقه ومدرسته وأقاربه ويفشل في أن يكون سعيداً فيكبر وفي نفسه شعور عميق بالذنب تجاه والديه والمجتمع، وسيفكر بأنه لو أطاعهم لنال مكانة اجتماعية أفضل وحقق نجاحاً وفرحاً أكثر وهكذا ينمو الشعور بالندم...

ولكن الطفل ذاته قد يطيعك وينفذ كل ما تطلبه فيسكت عندما تصرخ في وجهه ويحبس طاقته ويقيد رغبته بالضحك والرقص ويجلس مكتوف الأيدي، وهنا سيبدأ الشعور بالذنب من جديد لكن تجاه نفسه هذه المرة وسيكبر مع هذا الشعور وهو ضعيف الشخصية ليس بيده حيلة سوى إطاعة الأوامر، والثاني أيضاً سيفشل في نيل السعادة ويفكر لو أنه تمرد على والديه وسلطة مجتمعه لحقق مستوى أفضل ونال ما يتمناه...

انطلاقاً من هذه النقطة نجد أن الجميع يبحثون عن السعادة.. عن الحرية.. عن راحة الضمير... ومن هنا وُلدت فكرة الدين والعبودية، لأن كل مذنب بحاجة إلى إله يتوب إليه وليرمي ببعضِ أعبائه عليه ويشعر بقليل من راحة البال والنفس.. لكن في الحقيقة ليس كل ذلك سوى وهم وخداع ليتم استغلال الإنسان وإبقائه كاللعبة في أيدي الحكومات، فيتم تعليمه أن الحياة لا تستحق أن نعيشها وأنها مليئة بالأحزان والأسى والخطايا....

لكن في الحقيقة الحياة جميلة جداً ومن الطبيعي أن ننجذب لمغرياتها.. لملذاتها من متعة وضحك ورقص ونشوة وحب.... لقد صنعوا صراعاً بين الجسد والعقل فدرّبوا العقول في مدارسهم وجامعاتهم على أن كل شيء جميل في الحياة له عاقبة: فلا تحب.. لا ترقص.. لا تغني بصوت عالي.. فالناس سيضحكون عليك وسيسخرون منك فأنت تقوم بتصرفات صبيانية... "كن راشداً"!!..

أما أجسادنا وفطرتنا فهي تطالب بالفرح والنشوة الأزلية بلا انقطاع.. وهنا سيبدأ الإنسان بالتفكير أن أولئك الذين يتكلمون عن الفرح.. النشوة.. الحرية.. هم أناس معقدون منحرفون، إنهم يصفون أموراً لا يمكننا أن نعيشها ولكننا نتوق إليها، فيخلقون عندنا مزيداً من الشوق واللهفة لأشياء بعيدة عن الواقع.. وهنا تحصل فجوة عميقة بين الفطرة والتعليم......

لقد تنافرت طبيعتنا مع مبادئهم وبدأ الصراع، وسواءً كان مُعلناً أو مخفياً في النفوس البشرية فهو قائم بلا شك.. ولعل أبرز ما يدمر فطرتنا هو دراما الحب في أيامنا هذه.

تسألني لماذا؟؟؟

كل وسائل الإعلام بما تعرضه من مسلسلات وأفلام عاطفية شفرت المراهقين على قصص الحب الحزينة، وأن الحب الحقيقي بعيد كل البعد عن الجسد... ومن يفكر بالمتعة الجسدية فهو إنسان شاذ منبوذ ولا يحترم الدين ولا المبادئ الخلقية...

فنجد الفتاة عندما تحبّ يبدأ التدفق العاطفي من جسدها وسيُطالب بالشريك لكنها سرعان ما تتذكر أمها ومجتمعها وستشعر بالخوف من أن يقال عنها عاهرة أو ما شابه لا سمح الله، ونجدها حائرة عالقة ترغب بالفرح والتلاشي في بحور الحب لكنها خائفة مذعورة.. قد تتمرد قليلاً وتمضي مكتفية بقبلة لكنها ستقف في منتصف الطريق غير مقتنعة ولن تتمكن أبداً من السمو الروحي مادامت في هذه الحالة...

وهنا سيبدأ الشعور بالذنب بالنمو تدريجياً ولا سيما عندما تكذب متظاهرة بأنها لم ترتكب أي جرم كي تحافظ على مكانتها في المجتمع.. وهكذا فالخطيئة تجرّ الأخرى على التوالي ويموت المرء وهو عالق في بحر من الخطايا والدموع...

الحياة في الحقيقة أجمل بكثير مما تعلمناه... إنها تلك الرقصة الغجرية المجنونة وذلك الجنون الطفولي الحاذق.. إنها أغنية تغنيها كما شئت وتؤلف لها اللحن الذي تحبه دون أن تلتزم بأي لحن ونغم يؤلفه غيرك ويجبرك على حفظه وتلقينه..

الحياة هي إبداعك أنت ومشاهدها هي لوحاتك أنت تخلقها وتصممها وترسمها بالألوان التي تحب...

تذكر أن كل لحظة هي هبة ونعمة فلا تهدرها في الأوهام.. حرر نفسك من كل القيود التي يفرضها غيرك، فأنت صاحب القرار الوحيد على نفسك.. فقط دع فطرتك تغمر كيانك ولا تسمح للخطيئة بأن تعرقل فرحتك واحتفالك.. فكل الأديان لعبة وكذبة والخطايا تابعةٌ لها وهي الأساس الذي بنوها عليه...

من الآن انهض وتخلص من كل الحجارة الثقيلة التي تحملها في نهر قلبك الخافق الدافق... وتذكر أن الحب هو الدين الفطري الوحيد المتناغم مع كيان الإنسان... ومع هذا الدين ستختفي 99% من الأمراض الجسدية والنفسية! لأن الخطيئة عندما تختفي سيبدأ الجسد بالتناغم دون أي عائق أو فكر مسيطر.. وسنجد مستوى الذكاء والصحة البدنية يرتفعان تدريجياً..

بينما الحزن والاكتئاب والخوف سوف تتلاشى من حياتنا تماماً.. وأعتقد أن الحياة هي احتفال أبدي ينتهي بنشوة وفرحة عارمة أكثر روعة من دراما حب حزينة تنتهي بسجن أو موت ودمعة....

 

أضيفت في:23-11-2013... الحب و العلاقات> عهر و طهر
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد