موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الطاقة الإلهية الكونية أنثى بطبيعتها

إن الله أكبر من أي كلمة أو جسد أو جنس أو صورة.... ليس رجلاً ولا امرأة ولا تسعه أرض ولا سماء لكنه في قلب كل مؤمن.... لكن هذه الطاقة الإلهية الكونية أنثى بطبيعتها، لأنها طاقة متمددة ومرهفة.. لطيفة غير عنيفة..

طاقة ممتلئة بالفرح والمتعة والنشوة.. إنها قمة غاية الحياة عندما نعيشها بمتعة كل لحظة..

وعندما يأتي الموت في هذه الحالة يكون انتقال.. انتقل إلى رحمة الله وإلى الله...

لذلك يُعتبر الشخص ابن أمه عند انتقاله وليس ابن أبيه...

علمياً أيضاً وجدوا أن الأم تورث كمية مورثات أكثر من الأب في الأصل، مورثات موجودة في سيتوبلاسما البويضة ومكونات الخلية... وكذلك تورث ابنها كثيراً من طاقتها وروحها عبر صلة الأرحام.

هذه الطاقة الإلهية الكونية الأنثوية لها عدة رموز وإشارات في مختلف الأديان والطرق الروحية.. اليوم سنتحدث عن معتقدات هندوسية قديمة قد تبدو غريبة وفيها أسماء هندية، لكن عسى أن تفيد شيئاً في فهم خفايا الحياة إذا قرأنا بعقل منفتح.

 

ترمز تلك المعتقدات إلى هذه الطاقة بالآلهة "لاكشمي".. والتي تمثل الغِنى والجمال في المستوى المادي وكذلك الروحي.. إنها الشيء الذي يصب علينا إكسير الحياة عندما نكون منفتحين وحاضرين في اللحظة، في الفجوة بين الأفكار المتدافعة.

كثيراً ما يرسمون لاكشمي كامرأة جميلة تجلس في زهرة اللوتس.. وحسب المعتقدات الهندوسية، فإن كلاً من أذرعها الأربعة تمثل مظهرا مختلفاً من مظاهر تحقيق غايتنا في الحياة (Sankalpa).. الأذرع تحمل الأسماء: Dharma, Artha, Kama, Moksha

 

1- دارما: وهي مقدرتنا على الانفتاح على ذلك التعبير الأعظم الذي أتينا إلى الدنيا من أجله... إنها الرغبة الساكنة عميقاً في جوهر كياننا والتي تنتظر موافقتنا لكي تلد نفسها من خلالنا... إنها ذلك التوق والشوق لصُنع الفرق بطريقتنا المميزة الخاصة بنا...

عندما نوازي الدارما عندنا مع الوعي الصافي ونسمح لشغفنا وهوانا بأن يقود تكشّف هذه الدارما، سنختبر تحقيق وإشباع رغبتنا ونضع علامتنا المميزة من الجمال في هذا العالم... وهذا عندها يملؤنا بالوفرة، جالباً ثروة وجمال لاكشمي إلى قمة إزهاره وازدهاره.. فقط عندها سنعيش حقاً بأصالة ومصداقية حقيقية.

..كثيراً ما نكبت ونكتم هذه العملية بالخوف والشك.

التشكيك والريبة حول سؤال "كيف" يجعلنا نتوقف باكراً في بحثنا.

نحن نعرف ماذا يفترض بنا أن نفعل، لكن السعادين والتنانين تقفز معترضة طريقنا، وتعطينا كل الأسباب المحتملة لعدم إمكانية إنجاز ما نريد.

لكن تذكُّر وإدراك القداسة وإعادة إعلان الأنثى المقدسة داخل قلب كل امرأة ورجل، يفتحنا على موارد جديدة تسمح لـ"كيف" بأن ينفتح وينكشف.. وهذا ما تمثله ذراع لاكشمي الثانية.

 

2- آرثا: وهي تمثل الوسائل الضرورية لتحقيق الدارما عندنا.. سواء كانت الدراسة والثقافة والتأمل أو تطوير مهارة محددة، تقوم آرثا بجلب كل الأشياء الضرورية إلى اختبارنا، بحيث نقدر على الإدراك الكامل للدارما عندنا.. هذا يتطلب منا تحقيق فن التوازن في الحياة.. حالما نتوازن، ستساعد آرثا على وضع طريق يوصل إلى الدارما.

الصحة الجسدية والفكرية والعاطفية والروحية جميعها أجزاء من هذه الآرثا... التأمل والتدريبات الروحية التي تنمّي اتصالاً عميقاً مع الطاقة الإلهية ستبوح بكل ما هو متاح لنا بهيئة آرثا.

...كثيراً ما نكبت ونكتم هذه العملية من خلال الحديث السلبي مع الذات:

أنا لستُ جيداً كفاية، ذكي كفاية، ثري كفاية، لن أقدر أبداً على تحقيق ذلك، هذا أمر كبير جداً، ليس عندي أي دليل كيف سأبدأ بذلك.... مهما كان قولك وأي من الأقوال السابقة أو كلها كانت صحيحة وحقيقية ليس مهماً.. عندما نكون على الطريق لتحقيق غايتنا، يتم تزويدنا بكل الأشياء لجعلها حقيقية... عندما تظهر الأسئلة وتعطينا الأشياء شعوراً بأنها كبيرة جداً أو كثيرة أو مخيفة، يجب أن نعود للمعرفة بأننا نسير إذن على الطريق الصحيح!

إن بدء العيش على تلك الحافة الخطرة، دون التأكد أو معرفة الخطوة التالية، هو اللحظة التي تظهر لنا الذات الإلهية حاملة لنا ما يلزم بالضبط لخطوتنا التالية.

الآرثا عندنا تكون متناغمة دوماً مع الدارما عندنا... لا يمكن أبداً أن تختلف عنها.. وهناك وسيلة قياس عظيمة تمثلها ذراع لاكشمي الثالثة.

 

3- كاما: وهي تعلّمنا أنه من خلال الاستمتاع بعملية عيش صفات الذات الإلهية الأنثوية المقدسة في خدمة البشرية، يمكننا تحقيق الكمال في حياتنا... نرى أن المتعة هي الطريق الحقيقي والمباشر إلى الغاية، طريقٌ محاط بسياج من الجمال والثروة والمناظر والأصوات والروائح والطعوم الجميلة التي تدغدغ الحواس...

نشتم رائحة زهر العسل ونشعر بجسدنا يستجيب لهذه الحلاوة الفائقة..

نرى جمال ولادة طفل فتنادي عروقنا صوتاً يصل إلى حافة الكون لكي يربّي هذا الطفل بحب ورحمة وقبول للدارما التي ولدت معه كهدية ونعمة إلهية.

نُصغي لسيمفونية ونذوب في قلوبنا عندما نشعر بالموهبة العميقة التي صنعها العازفون باجتماعهم وتتناغم بطرق لذيذة ومرهفة..

نتذوّق ثمرة مانجو طازجة وناضجة ويسيل عصيرها في فمنا، فيملأ الطعم كل خلية من جسدنا بالرغبة والمتعة والكمال..

نشعر بذراعي حبيبنا تغمرنا بمحبتها وشغفها، ونختبر أعمق توق لدينا عندما يتلاقى مع إشباعه الكامل..

كل هذا هو كاما... إنها طريقة اختبارنا لحضور الذات الأنثوية المقدسة كمبدأ المتعة الذي يدلنا على الطريق.. متعة جمال من نحن، عندما يتم التعبير عنه بشكل كامل... فرح وجودنا عندما يُدرك تماماً... غاية وجودنا مندمجة بشكل كامل مع الجوهر الذي يمثّل مَن نكون.. عندها فقط نختبر موكشا، التي تمثلها الذراع الرابعة عند لاكشمي.

 

4- موكشا: هي الحقيقة الأسمى والحرية الأسمى، والفهم الأسمى لطبيعتنا الحقيقية... إنها بوح لتلك الطبيعة الحقيقية في كل لحظة نوجد فيها.

في كل فكرة، هناك اتصال مع المقدس... في كل فعل، نحن نجلب حضورنا المنير إلى المقدمة..

إنها اختبارٌ من العيش هنا والآن، اختبار غني بالحسّ ومتفجّر بكل ما ينبغي أن نقدّمه، ونقوم بتقديمه كله..

إنها الاستسلام والاستغناء الكامل عن النتيجة في خدمة اللحظة الحاضرة.

إن أعمق فهم للحياة هو تجربة من النشوة الهائلة مع الكون... إنها اتحاد المتعة مع الغاية، مع التلاشي والفناء... انفتاح كامل على محبة كل شيء كما هو، والاستسلام والاستغناء عن أي أفكار مسبقة عن كيف يجب أن تكون الأشياء... إنها هذه اللحظة خالية من كل شيء لا يتعلق بهذه اللحظة.. الاستسلام الكامل عن قصصنا وعن أمراضنا وتوقعاتنا وتعاريفنا وتحفظاتنا... إنها سماحٌ للمقدس بأن يُعبّر عن ذاته بشكل كامل من خلالنا.

 

تتجلى المظاهر الأربعة للذات الإلهية في حياتنا عندما نكون حاضرين تماماً في اللحظة بيقظة.. هذه الذات النورانية الأنثوية تقوم عندها بالفِعل، وتسير في حياتنا مؤكدةً بهدوء أننا نعيش هنا لأجل غاية ما... وهي لا تتطلب منا شيئاً أقل من استسلامنا وحساسيتنا الكاملة.

عندما نقول "نعم"، سنشعر بها تدور داخلنا... وعندما نفتح أنفسنا لطاقتها الحيوية في حياتنا، ستبدأ الدارما أو الرغبة الأعمق لدينا بالتفتح والظهور، مع توضّح كل الآرثا أو الوسائل التي من خلالها نصل إليها... الكاما أو مبدأ المتعة يُظهر لنا كيف نختبر الموكشا بشكل كامل أو حقيقتنا الأسمى......

 

هذه هي الذات الأنثوية المقدسة وهي تعمل عملها..

إنها توازِنُ كل مَن تكون معه بالرحمة والفضول، دون ترك أي روحٍ دون استكشاف.. إنها موجودة هنا لتغيير حياة الناس من جذورها إلى زهورها.. ونحن أقنية تجري من خلالها مياه روحها المقدسة..

حضورها في حياتنا يعدُ بالثروة والجمال عندما نفتح قلوبنا

ونسمح لها بأن تشعّ نوراً وضياء...

أضيفت في:26-4-2015... في قلب الله> الله و الألوهية
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد