موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

الحـــب و المــــال

HTML clipboard

يجب ألا يكون المال هدفاً لنا... لكن هذا لا يعني أن علينا إنكاره والتحول إلى شحاذين.
استعمل المال لأنه وسيلة جيدة، لكن لا تدعه يستعملك...
لستُ ضد المال أبداً.. ولا أقول شيئاً ضده، بل أقول شيئاً عنك أنت وعن تملكك.
يمكن للمال أن يكون جميلاً إذا لم يكن مملوكاً ومحصوراً وإذا لم تكن مهووساً به.
المال مثل الدم الذي يجري في الجسد، يدور ويدور في جسد المجتمع.. فيساعده ليكون أغنى وأكثر حيوية.

المال ليس شيئاً موجوداً هناك ببساطة في العملات الورقية أو الحسابات المصرفية، بل هو موضوع يتعلق بفكرك الداخلي ومواقفك في الحياة..
المال هو حبك للأشياء... المال هو هروبك من الأشخاص.. المال هو ضمانك وأمانك ضد الموت... المال هو جهدك للتحكم بالحياة... المال هو ألف شيء وشيء... ليس فقط تلك العملات والأرقام، وإلا لجرت الأمور بمنتهى السهولة.
 

المال هو حبك...... حبك للأشياء وليس للأشخاص..

الحب الأكثر راحة وضمانة هو حب الأشياء، لأن الأشياء ميتة، فيمكنك امتلاكها بسهولة... يمكنك امتلاك بيت كبير، حتى أعظم قصر في العالم... لكن لا يمكنك امتلاك حتى أصغر طفل لأنه حتى الرضيع سيرفض الامتلاك وسيقاتل من أجل حريته.
الطفل الصغير مهما كان صغيراً سيكون خطيراً على الشخص الذي يريد التملك..
سيثور ويتمرد... سيعصي كل الأوامر ولن يسمح لأحد بامتلاكه.

الناس الذين لا يستطيعون حب الأشخاص، يبدؤون بحب المال، لأنه وسيلة لامتلاك الأشياء.
كلما كان عندك مال أكثر ستمتلك أشياء أكثر، وكلما امتلكتَ أشياء أكثر ستستطيع نسيان الأشخاص أكثر.... سيكون عندك الكثير من الأشياء لكن دون أي رضى، لأن الرضى العميق يأتي فقط من حبك لشخص ما.
المال لن يثور ويتمرد عليك، لكنه كذلك لا يستطيع التجاوب معك، وهذه هي المشكلة... ولهذا البخلاء يصبحون بشعين جداً... لم يتجاوب أحد مع حبهم مطلقاً.
كيف يمكنك أن تكون جميلاً دون أن يهطل عليك الحب كالورود من كل الجهات؟
ستصبح بشعاً ومغلقاً على نفسك...


الشخص الذي يمتلك المال أو يحاول امتلاكه هو شخص بخيل وسيكون خائفاً دائماً من الناس، لأنه إذا سمح لهم بالاقتراب فقد يبدؤون بمشاركته ما يملك... والناس المحبين للأشياء يصبحون كالأشياء... ميتين باردين مغلقين... لا شيء ينبض فيهم... لا شيء يرقص أو يغني في قلوبهم.. فيعيشون حياة ميكانيكية بانتظار يوم الدفن... يجرون أنفسهم الثقيلة عليهم، فاقدين كل الحرية، لأن الحب فقط هو الذي يعطي الحرية، والحب يمكن أن يعطي الحرية فقط إذا أنت أعطيتَ الحرية للحب.

الناس الخائفين من الحب يصبحون ممتلكين للمال... الناس المحبين يصبحون غير ممتلكين، والمال لا يهم كثيراً بالنسبة لهم.... إذا كان موجوداً فلا بأس يمكن استخدامه، وإذا لم يكن موجوداً أيضاً لا بأس، لأن الحب هو مملكة بحد ذاته لا يمكن لأي مال أن يشتريها..
الحب هو رضى عميق جداً، لدرجة أنه يمكنك أن تكون شحاذاً في الشارع وستغني طرباً إذا كان الحب موجوداً في قلبك... إذا أحببتَ وأُحبِبت، سيكللك تاج الحب ويجعلك ملكاً دون مملكة... أما المال فيجعلك بشعاً ببساطة.

لستُ ضد المال... لا أقول أن تذهب الآن وترمي كل أموالك... لأن هذا سيكون تطرفاً آخر.. هذا أيضاً خطوة أخيرة من الفكر البخيل نفسه.
الشخص الذي عانى كثيراً بسبب المال، الذي تعلق بالمال ولم يستطع حب أحد وبقي مغلقاً، سيصبح محبطاً جداً في النهاية، وسيرمي كل ماله، ينكره ويزهد في الدنيا ويرحل إلى الهيمالايا أو إلى أحد الأديرة والجوامع فيصبح راهباً أو شيخاً جليلاً... هذا الشخص لم يفهم الموضوع..
إذا فهمتَ، يمكنك استخدام المال، لكن الناس غير المتفهمين تراهم إما بخلاء لا يستطيعون استخدام المال، أو أنهم ينكرون المال، لأن في نكرانهم له يحافظون على نفس الفكر.
الآن لن يكون هناك صعوبات أمامهم، لقد نكروا واستغنوا وهربوا... لكنهم في العمق لا يستطيعون استخدام المال وهم خائفون منه كثيراً.

يمكن للناس أن ينكروا المال بسهولة، تذكر هذا... والبخيل يبقى بخيلاً حتى نهاية حياته، وحتى عندما ينكر المال...
في البداية يمكنك تجميع المال كالمجنون، بعدها في أحد الأيام ستفهم أنك أضعت حياتك كلها عبثاً... عندما تفهم هذا، ستصبح خائفاً، لكن العادة القديمة تستمر... لذلك قد تهب كل ما تملك وتنسى أمره هارباً، لكن... لا يمكنك المشاركة به.
الإنسان الذي يفهم، إذا كان عنده مال سيشارك به، لأن قيمة المال ليست فيه بل في الحياة... لا تملكه حتى تنفقه... إذا شعر أن الحياة بحاجة لماله، الحب بحاجة له، يمكنه تقديمه لها كلياً، لكن هذا ليس زهداً أو إنكار، لكن لاستخدامه وإعادة تدويره من جديد... الحب هو الهدف بالنسبة له، المال لا يمكن أن يكون هدفاً أبداً بل هو وسيلة...
الناس الراكضون خلف المال، سيكون المال هو هدفهم ومعبودهم، والحب حينها يصبح مجرد وسيلة للحصول على المال.... حتى صلاتهم لن تكون إلا طلباً للمال ووسيلة للدعاء وزيادة الأهواء...

المال ظاهرة معقدة جداً... لماذا كثير من الناس ينشغلون به كثيراً؟... للمال جاذبية معينة مغنطيسية... للمال جاذبية كالتنويم المغنطيسي وهذا المغنطيس تحديداً هو: أنه يمكنك امتلاكه تماماً... المال سهل الانقياد والتحريك، فيكون مثل الخادم المطيع عندك.. فتشعر الأنا بالإشباع العظيم.
الحب ليس سهل الانقياد، الحب متمرد.... لا يمكنك امتلاك الحب...
يمكنك امتلاك امرأة، يمكنك امتلاك رجل، لكن لا يمكنك أبداً امتلاك الحب...
إذا امتلكت امرأة، ستصبح المرأة مالاً، شيئاً وسلعة.. والرجل أيضاً..
الرجل رجل والمرأة امرأة فقط عندما يكونوا كافيين كما هم... ليسوا وسيلة لأي شيء آخر..
المال هو الوسيلة، وأن تكون مهووساً بالوسيلة هي أكبر حماقة ولعنة يمكن أن تحدث للإنسان.

المال يجب ألا يكون هدفاً... لكنني لا أقول هنا أن عليك إنكاره والتحول إلى شحاذ... استخدمه فهو وسيلة جيدة...
لستُ ضد المال أبداً.. ولا أقول شيئاً ضده، بل أقول شيئاً عنك أنت وعن تملكك.
يمكن للمال أن يكون جميلاً إذا لم يكن مملوكاً ومحصوراً وإذا لم تكن مهووساً به.
المال مثل الدم الذي يجري في الجسد، يدور ويدور في جسد المجتمع.. فيساعده ليكون أغنى وأكثر حيوية... المال يشبه الدم.
لا بد أنك سمعت بأمراض الجلطة التي يتوقف فيها الدم فلا يستطيع الجريان، بسبب ظهور بعض الخثرات فتصبح عراقيل في وجه الجريان... عندها قد تصاب بالشلل، وإذا حدثت الجلطة في القلب ستموت.
إذا دار المال... تحرك من يد إلى أخرى واستمر بالجريان، سيتحسن الحال مع زيادة الجريان، ويدور الدم أكثر... وتصبح الحياة مليئة بالصحة.... لكن عندما يأتي أحد البخلاء ستحدث جلطة في مكان ما، أحد الناس في مكان ما يجمع ويكدس ولا يشارك وهذه هي الجلطة الدموية.
ذلك البخيل يصنع تشوشاً في الحياة، لا يعيش حياته بذاته، وبسبب عرقلته لمجرى الحياة لا يسمح للآخرين أيضاً أن يعيشوا... توقف المال عنده عن الجريان.
 

الدم عندما يجري تزدهر الحياة... وعندما يقف تحدث الوفاة...

المال عندما يجري تتلون الحياة... وعندما يقف تموت الألوان...
 

أنا أشجع على مجتمع يجري فيه المال بسرعة ولا أحد يتعلق به.. كل شخص يستخدمه، وتذكر قانون المال البسيط: كلما استخدمته أكثر ستزداد قيمته وبركته....مثلاً: نحن جالسون هنا.. إذا كان هناك عشرة أشخاص وكل منهم معه مائة ليرة في جيبه، واحتفظ كل شخص به لنفسه، عندها مع المجموعة ألف ليرة فقط وميتة.
لكن عندما تدور تلك الليرات بيننا، إذا قامت بدورتين فالألف ستصبح ألفين، وفي ثلاث دورات ستصبح ثلاثة آلاف... كلما دارت أكثر ستزداد كمية وقيمة المال.. السيولة... ويزداد غنى المجتمع.
أميركا مثلاً أغنى بلد لأنها أقل بلد بخلاً في العالم... المال يجري فيها بسرعة وكل شخص يستخدم ماله الذي يمتلكه، وحتى ماله الذي سوف يمتلكه في المستقبل.
ذلك البلد لا بد أن يكون غنياً.. أما بلد مثل الهند والبلدان النايمة من العالم الثالث والرابع والخامس.. لا بد أن تبقى فقيرة لأن الناس فيها متعلقون بالمال.... إذا تعلقت بالمال سيبقى بلدك فقيراً... المال عندما لا يستخدم يكون مثل الجلطة في الدم.

في مجتمعاتنا النايمة تجد نوعين من الناس: الأثرياء البخلاء والفقراء الزاهدين... كلا النوعين خاطئين مرضين وشاذين ومجانين!
على المرء أن يحصل على المال، ينتجه، ويستخدمه... عليه أن يحتفظ به فقط لحين استخدامه، وأن يستخدمه أيضاً لأجل أن يدور ويعود إليه مجدداً... كالدائرة.
عندها يكون المرء مزدوجاً حاملاً للصفتين معاً: غني وفقير... بخيل وزاهد... وعندها لن تكون بخيلاً ولا زاهداً... أنت ببساطة تستمتع بأي شيء يمكن أن يقدمه المال.
 

المال يمكنه أن يقدم عدة أشياء، ولا يمكنه أن يقدم عدة أشياء...
عندما تستخدمه ستعلم ماذا يمكن أن يقدم.
 

المال يمكنه أن يقدم كل ما هو خارجي كأشياء من هذه الدنيا، ولا شيء خاطئ فيها... لا خطأ في امتلاك بيت جميل، أو حديقة جميلة.. المال يمكنه أن يجلبها، لكن لا يمكنه إعطاءك الحب: هذا توقع كبير من المال المسكين.
على المرء أن يتوقع فقط ما يمكن أن يُتوقع... على المرء ألا يتوقع المستحيلات...
أن تسأل المال المسكين أن يعطيك حباً وسعادة... هذا غير ممكن.
لكن لا شيء خاطئ... لا تغضب من المال! لا تحرقه وترميه في الحاوية وتذهب إلى الجبال!
لقد طلبتَ من البداية شيئاً لا يمكن أن يطلبه شخص عاقل، وكنتَ أحمقاً.. هذا كل ما في الموضوع.. ولا شيء خاطئ في المال.

المرض العقلي قد يقفز من تطرف إلى تطرف معاكس..
استخدم المال، وهو جميل إلى المدى الذي يصل إليه، وهو يصل إلى مدى جيد!.. في هذه الدنيا يصل المال إلى مسافات كبيرة، لكن لا تتوقع الحب، لأن الحب شيء من كيانك الداخلي، ولا تتوقع الله أيضاً لأنه شيء تجاوزي.
استخدم كل شيء حسب قدراته الكامنة المحددة، وليس لأجل أحلامك... عندها ستكون شخصاً صحيحاً، وأن تكون بصحة جيدة يعني أن تكون كاملاً... لا تكن شاذاً بأي طريقة كانت.
كن عادياً طبيعياً، واصنع فيك مزيداً من الفهم لتستطيع أن ترى جيداً...

المال يمكن ويجب أن يستخدم ويمكن أن يعطينا عالماً جميلاً...
وإلا إذا كنتَ ضد المال، عاجلاً أم آجلاً ستصنع بلداً قذراً كالهند ودول العالم الثالث... كل شيء متسخ وشاحب لكنهم يظنون أنهم روحانيون كثيراً... مع الله وليس مع الدنيا الفانية!
كل شيء صار بشعاً لكنهم يعتقدون أن روحهم سامية جداً لأنهم أنكروا المال... لقد اعتقدوا أن على المرء إغلاق عينيه لكي لا يرى شيئاً خارج نفسه.
من الجيد أن تنظر للخارج، لأنك ستجد هناك خلق الخالق... ومن الجيد أن تنظر للداخل لأن الخالق يجلس هناك... كلاهما جيد ومتوازن...

العينان خلقت لكي تغمض أو ترمش... لم تخلق لكي تبقى مفتوحتين للأبد، ولا لكي تبقى مغلقتين للأبد... بل هي ترمش... تفتح وتغلق.. تفتح وتغلق... في إيقاع وانسجام.. للخارج وللداخل..
 

انظر خارج نفسك، استمتع بالخلق الجميل
وانظر داخل نفسك، واستمتع بالخالق العظيم
وتدريجياً سوف ترى أن الداخل والخارج يلتقيان ويذوبان معاً
ويصيران واحداً أحداً

 

أضيفت في:27-6-2010... الحب و العلاقات> ما هو الحب ؟
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد