موقع علاء السيد... طباعة
<<<< >>>>

رحلة إلى الجبال مع مصباح صغير

أتفاجأ كثيراً عندما أراكم جميعاً قلقين تجاه الحياة... الحياة لا تُعرف بالتفكير لوحده، بل يمكن فهمها فقط بعيشها وبكلية مطلقة.. ليس هناك طريقة أخرى لمعرفة الحقيقة: استيقظ وعش!

استيقظ وتحرّك.... الحياة ليست شيئاً ميتاً بحيث يمكن إيجاده دون بذل جهد... إنها تيار متدفق بحيوية هائلة.. والشخص القادر على إيجادها هو الشخص الذي يجري معها بحرية دون عوائق.

بالتفكير على المدى الطويل، كثيراً ما نفقد ما يوجد في أيدينا، مع أن هذا هو الحقيقة الحية، وما يوجد بعد مسافة أو بعد زمن ما مخبأ فيها.

أليس من الضروري اكتشاف ماذا في أيدينا، لكي نجد ماذا يوجد أمامنا بقليل؟ أليس المستقبل بكامله موجود في اللحظة الحاضرة؟ أليست أصغر خطوة تحتوي داخلها الرحلة الطويلة بكاملها؟

كان هناك فلاح بسيط، أراد الذهاب للجبال لأول مرة في حياته... رغم أن تلك الجبال لم تكن بعيدة عن قريته، لكنه لم يقدر على الذهاب إليها من قبل... قمم تلك الجبال المغطاة باللون الأخضر، يمكن مشاهدتها من مزرعته.. وكثيراً ما راودته رغبة قوية لرؤيتها عن قرب.. لكن لسبب أو لآخر كانت الزيارة تؤجل ولم يقدر على الذهاب إليها.

آخر مرة، لم يذهب لسبب بسيط هو أنه لا يملك مصباحاً جيداً، وكان من الضروري الذهاب في الليل ليصل إلى الجبال مع شروق الشمس.. عندها بعد الشروق هناك تسلق صعب للوصول إلى القمة.

لكنه جلب مصباحاً معه.. ومن كثرة تفكيره وشوقه للرحلة لم يستطع النوم... نهض الساعة الثانية ليلاً وبدأ يمشي إلى الجبال.. لكنه مباشرة بعد خروجه من القرية تردد وتوقف.. صار هناك قلق وشكوك في رأسه.. فقد رأى بعد خروجه أنها ليلة مظلمة تماماً ليس فيها قمر...

طبعاً لا شك بأنه يحمل مصباحاً، لكن نور المصباح لا يُظهر من الطريق إلا عشر خطوات، ورحلة التسلق كانت عشرة أميال.. فكيف سيكفيه هذا المصباح الصغير؟ هل من الحكمة المضيّ في هذه الظلمة الحالكة مع نور شمعة صغيرة فحسب؟ كان ذلك يشبه اجتياز المحيط بقارب صغير.

بقي الفلاح جالساً خارج القرية ينتظر شروق الشمس.. لكنه بعد لحظات رأى رجلاً كبيراً بالعمر ماشياً أمامه إلى الجبال... يحمل مصباحاً أصغر حتى من مصباحه!

بعد أن أوقف الرجل وروى له قلقه وخوفه، بدأ الشيخ يضحك وقال: "يا مجنون! ما عليك سوى المشي عشر خطوات لتبدأ رحلتك! امشي مسافةً بقدر ما تستطيع أن ترى.. وعندها سترى نفس المسافة من جديد.... إذا قدرت على رؤية حتى خطوة واحدة فحسب، يمكنك اجتياز العالم بأكمله".

فهم ذلك الفلاح الشاب.. نهض وبدأ يمشي.. وقبل شروق الشمس كان فوق الجبال.

إن نصيحة ذلك الشيخ تستحق أن نتذكرها حتى في طريق الحياة، وأريد أن أقول لكم ذات الشيء.

يا أصدقائي، لماذا تجلسون بخوف وجمود؟ انهضوا وتحركوا... ليس من يفكر، بل من يتحرك يستطيع الوصول...

وتذكروا أن كل إنسان يمتلك من النور والبصيرة ما يكفي لإظهار عشر خطوات..

وذلك يكفي... يكفي للوصول إلى الله...

 

أضيفت في:18-4-2014... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور
.... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع

 

 

© جميع الحقوق محفوظة.. موقع علاء السيد