اللامبالاة تجاه الدين
لماذا نجد كل هذه اللامبالاة تجاه الدين عند معظم الناس؟
ولماذا تزداد هذه اللامبالاة خاصة في الأجيال الجديدة؟
سمعتُ عن إحدى القرى الصغيرة.. كان سكانها فلاحين فقراء وبسطاء جداً.. يصدّقون أي
شيء يقال لهم.
في طرف القرية، كان هناك مسجد بسيط ومتواضع.. مسقوف بقطع من الصفيح الرخيص... وفي
أحد الأيام، جاء شيخ وإمام كبير إلى القرية... جمع كل سكانها قرب المسجد وقال لهم:
"أستغفر الله العظيم وأتوب إليه... أيها الحمقى هل أنتم مؤمنون أم كافرون؟ كيف
تعيشون أنتم تحت أسقف خشبية قوية وتتركون الله يعيش هنا تحت سقف هزيل من الصفيح!؟
يجب أن تقدّموا لله أفضل ما عندكم وأغلاه، وإلا سيغضب عليكم ولن يدخلكم الجنة!".
كان الفلاحون فقراء جداً.. ومع ذلك، قاموا بشراء بعض الأخشاب الجديدة وإنقاص بعض
الأخشاب من أسقف منازلهم وصنعوا منها سقفاً للمسجد.. وبعد انتهاء السقف ذهب الشيخ
إلى قرية أخرى، لأنه مسؤول عن عدة قرى سوية.. وقد يكون فيها مساجد فقيرة مماثلة ومن
واجبه الديني تأمين الأسقف الجيدة لبيوت الله المقدسة.
بعد مضيّ عدة أيام، أتى شيخ آخر إلى تلك القرية... وتفاجأ وغضب كثيراً عندما شاهد
سقف المسجد الخشبي... جمعَ كل سكان القرية وأظهر لهم غضبه وقال: "أستغفر الله لي
ولكم على هذا العمل الأحمق الجاهل... كيف تصنعون سقفاً خشبياً للمسجد؟؟ إذا اشتعلت
النار يوماً سيحترق كل المسجد بسبب الخشب.. أزيلوه فوراً وضعوا سقفاً حديدياً بدلاً
منه!"
تفاجأ الفلاحون.. لكن ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟.. كل ما يقوله الشيوخ والأئمة ورجال
الدين صحيحٌ دائماً، وإذا لم تقبل كلامهم فإن لعنتهم ستصيب كل حياتك وأولادك
وأحفادك وستجعلك تتعذب في نار جهنم... الله موجود دائماً في قبضة يدهم، لذلك كل ما
يريدون فعله لا بدّ أن يُنفذ ويتحقق فوراً.
كان على الفلاحين البسطاء تكسير السقف الخشبي ورميه... ثم جمعوا كل أموالهم كزكاة
لشراء قطع الحديد لصنع السقف الجديد... هكذا ضاع كل تعبهم القديم وكل ما يمتلكون
ويدخرون... لكنهم شكروا الشيخ على ملاحظته، وحمدوا الله أن النار لم تحرق المسجد
والله الساكن فيه!
بعد بناء السقف الحديدي الجديد، انتقل الشيخ إلى قرية أخرى.. طبعاً لأنه مسؤول
أيضاً عن قرى عديدة وعليه تحذير سكانها من الأسقف الخشبية واحتمال احتراقها.
بعد ذلك بأيام، جاء شيخ آخر... لكن هذه المرة كان الفلاحون يقظين جداً ولم يذهبوا
تجاه المسجد حتى بالصدفة... فلم يعرفوا ماذا ستكون المشكلة الجديدة الآن!.. لذلك
توقفوا تماماً عن الذهاب إلى المسجد.
طبعاً، لم يُخبر أي أحد الفلاحين المساكين أن الشيخ الأول كان يعمل سرياً في تجارة
الأخشاب، والثاني في تجارة الحديد!... لكنني أجد أن ما حدث لتلك القرية الصغيرة قد
حدث للعالم بأكمله.
لقد قام رجال الدين بفعل الكثير من الأشياء البشعة ونشر الخوف، وهذا الخوف الديني
ترسخ في عقول الناس باسم الله والأديان، لذلك ليس من الغرابة أن تجد الناس قد
توقفوا عن السير باتجاه الله.
اللامبالاة تجاه الدين، هي بالنهاية لامبالاة تجاه المخاوف والمعتقدات العمياء التي
نشرها من يدعون أنفسهم شيوخاً ورجال دين ومُفتيين...
اللامبالاة تجاه الدين، هي لامبالاة تجاه النزعة الطائفية والتعصب في الطوائف
الدينية وتجاه الكراهية والغيرة والعدائية التي تزرعها بين الناس...
اللامبالاة تجاه الدين ليست لامبالاة تجاهه، بل هي في الواقع لامبالاة تجاه كل ما
نراه من الكفر والعُهر باسم الدين....
أضيفت في:7-8-2014... زاويــة التـأمـــل> رسائل من نور .... إذا وجدت أن الموضوع مفيد لك، أرجو منك دعم الموقع
|